يحثّنا هذا الشهر الكريم على فعل الخير والعطاء والتحلي بأسمى الصفات، فيسعى المرء جاهداً لتغيير نفسه نحو الأفضل والتقرّب من خالقه، غير أنّه في ظل المغريات العديدة التي يتعرض لها يجد نفسه في صراع يفقده استشعار روحانية الشهر وقداسته.
فمفهوم شهر رمضان تغير مع الوقت وأصبح يرمز للتنافس الإعلامي بين الفضائيات، واستعراض ما لذ وطاب على موائد الإفطار، والتسوّق وزيارة البازارات المختلفة، ومشاهد مظاهر العصبية وعدم المقدرة على ضبط الأنفس خلال ساعات الصوم مما يستدعي في العديد من الأوقات تدخل الجهات المعنيّة لفض هذه المنازعات وتطبيب من يُصاب جرّاءها!
فلماذا تحوّل رمضاننا لهذا الحال؟ لماذا فقدنا المعنى الحقيقي للصوم من تهذيب للنفس وتطهيرها؟ هل نصل بهذه الأفعال للإحساس بالآخرين واستشعار ضعفهم وقلة حيلتهم؟ هل هذه هي المبادئ التي نسعى لتنشئة أبنائنا عليها؟ هل هذه هي الطريقة الأمثل لتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تنتشر بشكل دائم وتشوّه صورتنا أمام المجتمعات الأخرى؟
هنالك العديد من الجهود التي يبذلها شبابنا لتصحيح هذه المفاهيم وذلك من خلال تنظيم العديد من المبادرات التطوعية التي تلقى إقبالاً كبيراً بين أبناء المجتمع وتهدف بدورها لاستشعارهم عظمة الصوم والمساهمة في مساعدة المحتاجين المتعففين.
وهذه المبادرات تسعى لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي انعكست عن الشهر الكريم وغرس ثمار الخير في أبناء مجتمعنا. كما أنّها تشغل أوقات فراغهم بما يعود عليهم بالفائدة وتمنع عنهم ارتكاب الأفعال التي قد تؤدي لترتيب عقوبات نظامية بحقهم.
أتمنى أن يتم دعم هذه المبادرات التطوعية لكي تلقى نصيباً طوال السنة وألا نؤسس لفكرة أنّ أعمال الخير مرتبطة بشهر واحد بالسنة فقط يقوم الإنسان خلاله بالتغيير للأفضل ومد يد المساعدة للغير، وبعد انتهائه يعود لما كان عليه. كما علينا استثمار بذور الخير الموجودة بداخل شبابنا بما فيه مصلحة لهم ولمجتمعنا، فهم أساس التنمية والتطوير.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
