Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

المملكة زعيمة العالم الإسلامي

A A
خلال تحضيري للدكتوراة في أمريكا مطلع الثمانينيات الميلادية أذكر أني شاهدت لقاء تلفزيونيًا مع مسؤول أمريكي كبير، تحدث فيه عن زعامات العالم في ذلك الوقت، فذكر أن هناك ثلاث زعامات وليس زعامتين، إذ تعتبر أمريكا زعيمة العالم الحر، والاتحاد السوفيتي -وقتها- زعيم العالم الاشتراكي، والمملكة العربية السعودية زعيمة العالم الإسلامي، وكانت تلكم رؤية ثاقبة توثَّقت صحّتها خلال العقود الثلاثة التي تلت تلك المقولة وصولًا لعام 2017م.

ومن ينظر اليوم إلى زعامة العالم الغربي أو الحر كما يُسمَّى، والعالم الاشتراكي ويُسمَّى المعسكر الشرقي أيضًا، يرَ اختلافًا كثيرًا، فلم تعد أمريكا بعد هذه العقود الثلاثة وخلالها زعيمة العالم الحر، وتمردت عليها دول أوروبا، والشيء نفسه حدث في دول (الكومنولث)، كما تُسمَّى «كندا وأستراليا ونيوزيلنده وسواها»، وأصبح كل منهم في واد، بل إن دول أوروبا باتت تحارب «الأمركة» بقوة، مما أدى إلى تقليص نفوذ أمريكا حول العالم، وما حدث لأمريكا حلَّ بالاتحاد السوفيتي المنحل، ووريثته روسيا، التي ما عادت تملك أي نفوذ على الجمهوريات السوفيتية السابقة التي استقلت عنها بعد سقوط السوفييت، ولم تكن لها ولن تكون لها دالة على الصين التي أصبحت خلال عقود ثلاثة قوة ضاربة اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا، وفي ظل تقلص نفوذ المعسكرين الشرقي والغربي في مناطق نفوذهما، اتجها إلى مناطق أخرى ذات أهمية إستراتيجية ليجد كل منهما موطئ قدم، خصوصًا في المياه الدافئة، فاحتلت أمريكا العراق عام 2003م واحتلت روسيا سوريا عام 2014م، وكلا الاحتلالين كان بحجة واهية تتصل بأسلحة الدمار الشامل أو محاربة الإرهاب، وفشل الاحتلال الأمريكي للعراق وتحول إلى احتلال إيراني، وكذلك الأمر في سوريا، وعليه فإن زعامتي الشرق والغرب أصبحتا في مهب الريح، أما الزعامة الوحيدة الباقية، فهي زعامة المملكة للعالمين العربي والإسلامي، وهي زعامة لم تُفرض بقوة السلاح، ولكنها اكتُسبت مِن كل الشعوب العربية والإسلامية حتى قادت المملكة العمل العربي والإسلامي المشترك خلال عقود، ولا أدل على هذه الزعامة للمملكة من نجاحها الباهر في استقطاب (55) دولة للجلوس على طاولة واحدة في وقت قياسي بالرياض في قمم العصر، إضافةً إلى زعيمة العالم الغربي (أمريكا) ممثلة برئيسها ترامب، والتف الجميع حول المملكة لتوجيه رسالة للعالم تؤكد على ثوابت المملكة وحلفائها لتحقيق السلام في المنطقة والعالم، ومحاربة الإرهاب والتطرف. واستقطاب هذا العدد من الدول في وقتٍ قصير لا يمكن أن يحققه أي من المعسكرين الشرقي أو الغربي، وهو يؤكد المكانة المرموقة للمملكة وقائدها خادم الحرمين الذي وصفه رئيس أكبر دولة في العالم بأنه «رجل واسع الحكمة»، ومكانة المملكة هذه قدّرها كذلك زعيم المعسكر الشرقي الرئيس الروسي بوتين، الذي استقبل مؤخرًا سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، واتفقا على عدد من القضايا منها الاتفاق النفطي الذي قادته المملكة، والذي يضمن لأول مرة في تأريخ منظمة الأوبك تعاون الدول المنتجة للنفط من خارج المنظمة، إضافةً إلى توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب.

وزعامة المملكة للعالم الإسلامي ازدادت ترسُّخا بعد صدور الأوامر الملكية الأخيرة وأبرزها اختيار سمو الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد، وكان سمو الأمير محمد بن نايف أول المبايعين لسموّه، ورسَّخ ذلك؛ اللحمة الوطنية القوية في المملكة، وجاءت بيعة المواطنين مؤكدة لالتفاف الشعب حول قيادته.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store