Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سالم بن أحمد سحاب

الشهيدات الثلاث والفصام التعيس

A A
في بداية العشر الأواخر من الشهر الفضيل الراحل، وقع حادث مروري مهول على طريق محافظة بلقرن شمال منطقة عسير أدى إلى موت 3 فتيات رحمهن الله وإصابة 6 آخرين، وكلهم من عائلة واحدة.

وصورة الحفرة التي نشرتها المدينة (17 يونيو) التي تسبب في وقوع الحادث خير شاهد على مدى الاستهتار بحياة الناس، وعلى مدى الجشع المستحكم بسلوك بعض الناس. هذه الحفرة التي ربما لم يزد عرضها عن متر كان يمكن معالجتها بدفنها مؤقتا، أو بوضع جسر بدائي خشبي أو معدني عليها حتى لا تتضرر المركبات منها. لكن للأسف الشديد غاب ضمير المسؤول عن الحفرة، ونامت عين الرقيب على الحفرة.

ما معنى أن يُعطى المقاول 4 إنذارات لاستكمال العمل على مدى عام كامل؟ ومع ذلك فالإهمال سيد الموقف. من الصعب إعطاء تفسير آخر سوى الاهمال والاستهتار والبخل وحب المال ولو على حساب أبرياء يموتون أو يُصابون. ربما تأخر صرف جزء من استحقاقات المقاول، لكن ذلك لا يُبرِّر قتل الآخرين عنادا وإهمالا! وفي انتظار التحقيق الذي أمر به سمو أمير المنطقة لنعلم الخبر اليقين.

لكن دعوني أرسم لوحة أخرى لما يمكن أن يكون حال المسؤول المباشر عن هذه الكارثة في تلك الأيام الفضيلة الوادعة. ربما كان سعادته قد شدّ رحاله إلى البيت العتيق ليقضي العشر الأواخر مجاورا أو معتكفا يَذرف الدموع حين دعاء القنوت، ويساهم في نشر موائد الإفطار الممولة منه شخصيا، بهدف كسب الأجر العظيم.

ذلكم أحد السيناريوهات المحتملة، والتي تُؤكِّد ذلك الفصام النكد بين العبادة والأخلاق، وبين التقليد والتدبر، وبين الصورة المشوشة واليقين الواضح. أمثال هؤلاء يتسابقون إلى أجر يعادل 100 ألف أجر، وينسون أن الحفاظ على حياة واحدة يعدل الحفاظ على حياة كل حياة بشرية في هذا الكوكب!! ما جدوى الحسنات الكثيرة (بافتراض قبولها) إذا كانت عرضة للضياع مقابل حقوق كثيرة ليس أولها الأذى الجسدي والمادي وليس آخرها إهدار حياة الآخرين؟!

متى يتوقف مسلسل الإهمال في طرقاتنا وفي حياتنا؟!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة