Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن سعد العرابي

العناد القطري

A A
بعد أكثر من شهرٍ على بَدْء مُقاطعة المملكةِ العربيةِ السعوديةِ وجمهورية مصرَ العربيةِ ودولةِ الإمارات المتحدةِ ومملكةِ البحرين لدولة قطر، ما زال العنادُ القطريُ يتحكم في ردودِ الفعل القطرية على مطالب الدول المُقاطِعة، ومحاولة إيجاد سبل حلٍ للأزمةِ. هذا في الوقت الذي تَرَكتْ فيه الدولُ الأربع الأبوابَ مفتوحةً لتعقُّل قطري يحمي الدولةَ وشعبَها مغبة السير في طريق المجهول، ومن ذلك موافقتها على تمديد فترة الأيام العشرة التي مُنِحتْ لقطر لمدة يومين بعد تدخل أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد. إلا أن الجميع تفاجأ بالرد القطري الذي أدخل الأزمة في منعرجاتٍ غير منطقية وسعى إلى حشر إيران وتركيا في مضامين الحل وكأنهما معنيان بالأزمة..! بمعنى آخر سعى الردُ القطريُ إلى جعلِ الدولتين وكأن المقاطعةَ تضمهما، وهو ما لم يكنْ في قرار المُقاطعة الذي كان معنيًا بالسلوكيات القطرية المُخالِفة لحقوق الجوار والمصير المشترك، رغم أن كلتا الدولتين إيران وتركيا لهما من المواقف المضادة لمصالح وأمن واستقرار الدول المُقاطعة الشيء الكثير.

اعترافُ وزير الخارجية القطري بدعم قطر للإرهاب في تصريحٍ نقلته وسائلُ الإعلامِ العالميةِ يُدلل على تَورُّط قطر ومصداقية الدولِ الأربع في مطالبها بوقف ذلك الدعم وبدلًا من أن يلجأ حكامُ وساسةُ قطر إلى نقاطِ اتفاقٍ مشتركةٍ حرفوا البوصلَة لاتجاهاتٍ تزيدُ من تعقيد الأزمةِ وتطيلُ أمدَها. وغنيٌ عن القولِ: إن معظم دول العالم الكبرى بما فيها الولاياتُ المتحدةُ الأمريكية وجمهوريةُ روسيا الاتحادية والمملكةُ المتحدة رأت في المطالب للدول الأربع وضوحها وضرورة التزام قطر بها، إلا أن الساسة القطريين يَرَوْن أنهم بمراوغاتهم أذكى من الآخرين، وأنه بإمكانهم تفكيك الإجماع العالمي، وبالتالي إجبار الدول المُقاطعة على التخلي عن مطالبِها.

ولو كان لدى قطر جديةٌ في حلّ الخلافِ فعليها أولًا تلبية مطالبٍ العالم كله متفق عليها بعدم دعم الجماعات الإرهابية التي ليس لها من هدفٍ سوى نشر الفوضى في المجتمعات العربية ولكي تكونَ الصورةُ واضحةً فهناك فرقٌ كبيرٌ بين معارضةٍ شرعيةٍ وجماعةٍ إرهابيةٍ، وليس كما يقول القطريون: إنهم إنما يدعمون معارضةً شرعيةً، فلا داعش ولا الجماعات الإرهابية في ليبيا ومملكة البحرين وحوثيو اليمن وحزب الله اللبناني ولا الإخوان في مصر أحزاب معارضة ولا شرعية لهم سوى أنهم حملة سلاح لتدمير الأوطان وتفكيك المجتمعات.

التسويف الذي يمارسه الساسة القطريون لا يؤدي إلا إلى إطالة معاناة دولتهم وشعبهم وهم اليوم يجأرون من مقاطعة يصفونها بالحصار وربما يؤدي هذا التسويف إلى عقوباتٍ منها: الطرد من منظمات عربية وإقليمية ودولية (الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي) وعزلة دولية كبرى.

ما كان يناسب قطر في السابق من دعمٍ لجماعاتٍ متطرفةٍ في دول عدة ومكنها بالتالي من لعب دورٍ في قضايا المنطقة وهي دولة صغيرة لم يعدْ متناسبًا مع متغيرات كثيرة. بل إن تلك الأدوار القطرية السابقة أصبحت لها انعكاسات خطيرة على قطر ذاتها والعقل والحكمة تستدعي من حكامها التعقل حتى لا تسوء أحوال بلدهم وشعبهم أما العنادُ والتسويفُ فلن يفيدَهم في شيءٍ خاصة وقد اتضح لهم أن محاولاتهم تعويم وتدويل القضية لم يؤدِ إلى ما كانوا يأملون، فالعالمُ كله متفقٌ على ضرورةِ وقف دعم الإرهاب وإيقاف خطره على مجتمعات عدة في العالم كله، وقطر كما صرح وزير خارجيتها تأتي في قائمة الدولِ الداعمةِ له.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store