Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد عمر العامودي

حديث الأربعاء

A A
أوصى أديب أسرته، بتوزيع كل ما تبقَّى مِن مُؤلِّفاته على المعزّين يوم وفاته. وكان منظر ساحة العزاء مُؤثِّرًا، فقد صفت موائد في أحد جوانبها، عليها أرتال من كتب المؤلف مُعبَّأة بطريقة شيك ليسهل على الناس حملها. وهو منظر يفوق في حسنه موائد الطعام التي تمتد في مثل هذه المناسبات، والتي أصبحت تقليدًا غير محبب. وكان منظر المعزين وهم يتجهون إلى موائد الكتب ملفتًا، فالبعض كان يسرع الخطى خوفًا من نفاذ الكمية.. مشهد لا يتكرر إلا في صالة البلاش، وبعضهم يُصرِّون على أخذ أكثر من مجموعة حبًّا للاقتناء فقط، مما يجعلهم يتعثَّرون في المشي من ثقل حملها وهم في الطريق إلى سياراتهم ويبدو منظرهم مضحكًا. وقال لي قنصل دولة كان يجلس بجواري وقد شدّه المشهد، أحسدكم.. إن هذا يعكس حُبّكم للكِتَاب. ووضعت يدي على فمي، لم أنبث ببنت شفة، فقد اعتبرتُ أي نفي مني، إفشاء سر من أسرار مجتمعي، يعتبر البوح به للغير خيانة، ومِلت بعد أن غادر القنصل المكان، إلى من كان يقعد بجانبي من الجهة الأخرى.. لا تصدق أن هذا التزاحم لدى معظمهم حُبًّا للكِتاب وسوف يلقي هؤلاء ما يحملونه، في شنط سياراتهم، فإذا اكتشفوا وجودها بعد فترة، ألقوها على أقرب رصيف. لم تكن الدراسات الدولية تكذب حين قالت: إن معدل القراءة لدى العرب في السنة لا تزيد عن ست دقائق ونصف من معدل قراءة الأمريكي سنويًّا.. أحد عشر كتابًا، والبريطاني والألماني سبعة كتب، واليوناني خمسة!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store