Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

(داعش ) مرحلة.. ماذا بعدها ؟

A A
لفتت نظري هذه الفقرة التي قرأتها في تحليل أجنبي لما أطلق عليه « الربيع العربي « ، وتقول : « حين بدأ ( الربيع العربي ) كان الديكتاتور يغادر بلده بالطائرة كما حصل في تونس مع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي مطلع العام 2011.. واليوم انقلبت الآية فالشعب هو من يغادر بحراً وبراً كما حدث في سوريا «.. انتهت الفقرة المنقولة . وقد تكون تعكس خيبة الأمل التي أصابت من خطّط وشجّع على إحداث تلك الاضطرابات وسعى لإسقاط الأنظمة القائمة بهدف إحلال أنظمة جديدة محلها ، مثلما حدث في دول أوربا الشرقية التي تحولت فعلاً من أنظمة يحكمها الحزب الواحد والزعيم الأوحد إلى دول تحكمها أحزاب سياسية تتنافس على السلطة عبر صناديق الاقتراع .. فإذا به يفاجأ بأعداد هائلة مــن الــسوريين ( يغزون ) أوربا وسبقهم الليبيون إلى ذلك .

وهذا يقودنا للتساؤل عما إذا كانت ( لعبة ) تغيير الأنظمة قد توقفت أم أنها ستسلك طريقاً آخر .. ومن الملاحظ أن بروز ( داعش ) المفاجىء أتاح الفرصة لإدخال لاعبين رئيسيين الى المنطقة العربية المضطربة بشكل مباشر، إذ قررت روسيا الدخول مباشرة في عملية تغيير أو إعادة تكوين النظام السوري فكان رد فعل واشنطن أن زرعت لنفسها عدداً من القواعد العسكرية المتنوعة على الأراضي السورية . وأصبح هناك تفاوض مباشر بين موسكو وواشنطن وقرارات ثنائية حول أين ومتى يوقف إطلاق النار على الأرض السورية تمهيداً للخطوة التالية في المأساة التي يتعرض لها السوريون .

بعض المراقبين السياسيين سارعوا للتنبؤ بأن هناك مشروعاً لإعادة رسم الحدود العربية بشكل يغير من الخريطة التي اتفق عليها البريطانيون والفرنسيون عند تقاسمهم تركة تركيا العثمانية .. بل يقول هؤلاء إن هناك قوى إقليمية يتم الإعداد لأن تتولى الهيمنة على المنطقة . ويروج بعضهم لأن تكون هذه القوى الإقليمية المهيمنة هي إسرائيل وإيران وتركيا .. وهو قول لا أعتقد أنه سليم ، وإن كان يعبر عن مواقف عاطفية للبعض الذي يرى في رجب طيب أردوغان ( وليس تركيا ) زعيماً يحق له أن يهيمن ، ويرون في النظام الإيراني الحالي جماعة ممانعة مناوئة لإسرائيل وأميركا .. وفي هذا التصور تناقض ، إذ كيف يمكن الجمع بين كل هؤلاء في تقاسم الهيمنة والنفوذ في المنطقة بينما لكل منهم أجندة متعارضة مع ما يستهدفه الآخر .

التجربة التي مرت بها أوربا الشرقية في مختلف أشكال (ربيعها ) عند انهيار الاتحاد السوفيتي تعطينا مؤشراً عما يستهدفه النظام العالمي الذي أصبحت هيمنته على كيف تتجه الأمور وخاصة في منطقة الشرق الأوسط واضحة ، وما يسعى لتنفيذه إن عاجلاً أو آجلاً . وهذا النظام هو الذي يحرك الخيوط في معارك العراق وسوريا وليبيا ، ويستفيد تارة من تركيا وتارة أخرى من إيران ، ويتبنى بشكل مباشر أو غير مباشر حركات إسلام سياسي ، أبرزها جماعة الإخوان المسلمين ، لاستخدامها في تحقيق مآربه . ولن يكون بحاجة لدعم قوى إقليمية وكيلة عنه .لأنه لا أردوغان تركيا ولا ملالى إيران يمكنه الاعتماد على التزامهما بالتعاون لإقامة الأنظمة التي يرى أنها مناسبة ، خاصة وأنهما لا تشاركانه رؤيته السياسية أو الإستراتيجية ، لذا فمن المتوقع أن نشهد المزيد من الأحداث غير المتوقعة في منطقتنا .

بالطبع يمكن للأنظمة العربية الوصول الى منتصف الطريق مع النظام العالمي بإجراء التعديلات التي تراها هي مناسبة لإدارة شئونها بشكل يقوي الداخل ويجنب بلدانها الانهيار الذي يحدث في غيرها . وهو أمل عسى أن يتنبه البعض له ويقوم به .

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store