Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

لاحل بعيدًا عن المنهج النقدي

مشكلة العقل العربي هي عدم قدرته على النظر إلى الذات أو الآخر -المتمثل غالبًا في الغرب- بشكل موضوعي.

A A

مشكلة العقل العربي هي عدم قدرته على النظر إلى الذات أو الآخر -المتمثل غالبًا في الغرب- بشكل موضوعي. نحن ننظر إلى ذاتنا من خلال الآخر، وننظر إلى الآخر من خلال ذاتنا. وهذا ما تسبب في فشلنا في فهم ذاتنا وفي فهم الآخر على حد سواء.أسلوب المقارنة لا يساعد على الوصول إلى فهم حقيقي أو معرفة عميقة. نحن لا نستطيع إحالة حالة لها مكوناتها الخاصة، إلى حالة أخرى بغرض التقييم المعرفي. كل حالة لها تجربة مستقلة ومكونات وعناصر لا يمكن مطابقتها على الحالة الأخرى التي يصنفها أسلوب المقارنة هذا، باعتبارها نقيضا موضوعيا للحالة الأولى. آلية المقارنة هذه أوصلتنا إلى تبني وجهات نظر متطرفة وبعيدة عن الحقيقة تجاه الذات وتجاه الآخر. ولو نظرت إلى معظم ما تنشره الصحف ودور النشر العربية من كتابات تتعلق بالشأن الفكري، لوجدت في الغالب أننا أسرى موقفين متناقضين: فإما تنزيه النموذج الغربي مع ما يصاحب ذلك من جلد للذات. وإما تنزيه التجربة التاريخية الإسلامية والتعامل مع التراث وكأنه يمتلك إجابات جاهزة لجميع الأسئلة المطروحة على الإنسان المعاصر، مع ما يصاحب ذلك من رفض مطلق للغرب.هذه النظرة غير النقدية للذات والآخر، هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن تعميق حالة الخلاف في الساحة الفكرية العربية ووصولها إلى درجة القطيعة المعرفية التي تتجلى في غياب خاصية الحوار بين الأطراف المختلفة، وسيطرة خاصية السجال على المشهد برمته. وهو ما أدى إلى تكريس صفات التحزب والتخندق على معظم الطروحات الفكرية المقدمة للقارئ العربي. بالمقابل فإن نظرة فاحصة لمشروع النهضة الذي قام في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، على يد مجموعة من رجال الدين الإصلاحيين كجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وعبدالرحمن الكواكبي، توضح أن ذلك المشروع قام على تأصيل المنهج النقدي. ورغم أن مشروع هؤلاء الإصلاحيين، كان مناهضا بشراسة للاستعمار الغربي، إلا أنه قام على نقد الذات في المقام الأول، كما أنه لم يتورط في اتخاذ مواقف حادة تقوم على العداء أو الولاء للغرب.غياب المنهج النقدي هو المسؤول عن إنتاج هذا المشهد الفكري المهزوز.anaszahid@hotmail.com

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store