Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

النخب مطالبة بإعادة العرب إلى فلسطين

A A
عندما تمكن الصهاينة من الاستيلاء على جزء من فلسطين وعجزت الجيوش العربية ،عام 1948،عن دحرهم تدخلت الأمم المتحدة مقترحة مشروعاً لتقسيم أرض فلسطين فيما بين أبنائها الفلسطينيين وغزاتها اليهود..حينها انعكس الخجل العربي من عجز جيوشهم عن هزيمة عصابات صهيونية بالقول إن الذي أضاع فلسطين هم الفلسطينيون الذين باع بعضهم أراضيه للصهاينة . وصدَّق بعض العرب هذا القول وانتشر بينهم في ذلك الوقت .

واليوم مع انتهاك الإسرائيليين المقدسات الإسلامية في الأقصى المغتصبة يسارع البعض ، مرة أخرى مثل مرات سابقة ، الى رمي المسئولية على الفلسطيني المغتصبة أرضُه ، الواقع تحت الاحتلال العسكري ، والذي يبطش به الجيش الإسرائيلي في كل يوم بأكثر من موقع ، يحمِّلونه المسؤولية للقيام بمواجهة المغتصب الإسرائيلي .ولا يتحرك العرب سوى عبر البيانات والتصريحات والمواقف الشاجبة من على المنصات الدولية في نيويورك وأوربا وكذلك الجامعة العربية بالقاهرة . ويتسارعون للتساؤل كيف لهم أن يوحدوا جهودهم لدفع الأذى عن الفلسطينيين والأقصى ، إذا كان الفلسطينيون أنفسهم مختلفين فيما بينهم حول الموقف من عدوهم الذي تحول اعتباره الآن الى مجرد خصم لا عدو .

النخبة الفلسطينية ، في رام الله وغزة ، ليست بريئة مما يقال عنها ، فهي تقسم الفلسطينيين إلى طوائف وفرق ، وتنشغل بمخاصمة بعضها البعض أكثر من انشغالها بمواجهة إسرائيل وخططها . وهذه حالة وصلت لها لأنها أصبحت أسيرة لمصالح أجنبية تعتبر القضية الفلسطينية أداة لتحقيق مصالح ذاتية لنفسها بشكل رئيسي .وتنافست هذه القوى الأجنبية في دفع عملائها للوقوف في وجه بعضها البعض وسعي كل منها ،عبر وكلائها ،لإفساد جهود الطرف الآخر . وسعت إيران وتركيا وبعض الدول العربية منفردة بالإضافة إلى جماعة الإخوان المسلمين لتجنيد العملاء من النخبة ودفعهم لاتخاذ المواقف التي تستفيد منها على حساب المصالح الفلسطينية .

المعضلة الفلسطينية ليست سوى قرار إسرائيلي بمواصلة إشعال نارها . فالقوة الإسرائيلية المحتلة ترفض حتى الآن القبول بأي حل لا يحقق لها سيادة كاملة على الأرض الفلسطينية بأقل عدد من الفلسطينيين . لذا لا نشاهد في نفق هذه المعضلة أي ضوء يعين على فهم شكل نهايتها . وتتنافس المصالح الإقليمية في تحقيق الإستراتيجية الإسرائيلية بتشجيع الخلاف فيما بين مختلف القوى الفلسطينية في الداخل والخارج .

وتبرز بين الحين والآخر دعوات لدى بعض العرب في التخلي عن القضية الفلسطينية والاستسلام للإرادة الإسرائيلية وتجاهل حل القضية وتبادل المصالح مع إسرائيل . وهذه رغبة انهزامية لن تؤدي سوى الى مزيد من الاضطرابات ، وستشجع الإسرائيليين على مزيد من التوسع في الأرض العربية ، والسعى للهيمنة على مقدرات الشعوب العربية . ولابد من دفع إسرائيل للقبول بحل يقبل به الفلسطينيون لقضيتهم قبل مد يد التعاون إليها .

وهنا يأتي دور النخب العربية من الطبقات الحاكمة والمحكومة على حد سواء للعودة الى تسليط الأضواء على القضية الفلسطينية ومخاطر هيمنة أي دولة ، خاصة دولة دينية مذهبية في تل أبيب ،على المنطقة . والدعوة الى توحيد المواقف العربية ضمن إستراتيجية حد أدنى يجب على النخب الدعوة لها ، وعلى الأنظمة الحاكمة القبول بها لتحصين نفسها .. وبدون ذلك فإن المسئولية القادمة عن الانهيار المتوقع ستكون على العرب ككل لا على الفلسطينيين فحسب.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store