Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سالم بن أحمد سحاب

العنصريون الأواخر!

ملح وسكر

A A
مقال الأمس كان عن العنصرية المقيتة التي مارسها أصحاب القرار الأوائل في الولايات المتحدة منذ نشأتها بدءًا برئيسها المؤسس جورج واشنطن (الذي سُميت العاصمة الأمريكية باسمه)، وقد كان بيدهم إلغاء الرق من يومها وإنهاء استعباد مئات الألوف من الأحرار السود، الذين جُلبوا إلى الأرض الجديدة مكبلين بالسلاسل إذ سُرقوا على حين غرة، ودُفعوا إلى المجهول بلا حول منهم ولا قوة.

لقد آثر المهاجرون الأوائل استمرار الرق وسيلة لحماية مصالحهم الاقتصادية، فالرقيق عمالة مجانية بلا حقوق إطلاقًا. ولم ينته الرق فعليًا إلاّ عام 1928م، أي بعد 152 عامًا من الاستقلال. لكن سياسة التمييز العنصري استمرت قرابة 40 عامًا، وقد أسموها (الفصل العنصري) تخفيفًا لوطأتها، ومات في سبيل إنهائها ألوف السود، بما فيهم مارتن لوثر كينج.

ولكن هل انتهت فعلا! الواقع يقول غير هذا، وحقيقة وجود منظمات من شاكلة KKK التي تعتنق مذهب سيادة جنس الرجل الأبيض على كل جنس آخر. وفي العشرينات من القرن الماضي زاد عدد الأعضاء المسجلين في هذه الطائفة العنصرية البغيضة عن 4 ملايين عضو، أي قرابة 4%

من سكان الولايات المتحدة آنذاك.

ومع أن الصورة الذهنية التي يحاول أن يروجها الرجل الأمريكي الأبيض عن نفسه وبلده عبر آلياته المتعددة المسيطرة على وسائل الإعلام والثقافة العالمية هي تسامحه وتحضره وإنسانيته البالغة وحبه لقيم العدالة والمساواة واحترام خيارات الشعوب، إلاّ أن التاريخ يؤكد أن كل ذلك مجرد فقاعات تزول عندما يحين وقت الموازنة بين المصالح والمبادئ.

ظهر ذلك بوضوح حين ألقيت القنبلتان الذريتان على اليابان. وظهر كذلك في حرب فيتنام التي هلك فيها الحرث والضرع بكل أنواع الأسلحة الفتاكة التي تدفع بها المصانع الأمريكية باستمرار ولا تزال. وظهر ذلك في الانقلابات العسكرية التي رعتها ومولتها في عدة دول في أمريكا الجنوبية، وفي إيران وفي غيرها. ودعم الولايات المتحدة لإسرائيل يجعل العرب خير من يعي الدرس، أو هكذا هم يظنّون!

باختصار لن يغلب الطبع التطبع، فلا يُغرّن أحد بنيوب الليث إذا ابتسم، أو بالضبع إذا هدأ وسكن.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة