Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن سعد العرابي

صرخة ألم

A A
صرخة حزن وأسى أطلقها الشيخ أحمد البكري أحد رجالات المدينة المنورة في خميسية الصديق الأستاذ محمد عمر العامودي عن المآسي المجتمعية من طلاق وخلافات أسرية وتفكك عائلي وانعدام القدوة وابتعاد الرجال المؤثرين وترك الحبل على الغارب للوسائط الحديثة، السوشال ميديا، في التحكم في مصائر وعلاقات أبنائنا وبناتنا.

الصرخة تئن بها نفوس كل المخلصين والصادقين لهذه التربة المباركة فما يحدث في مجتمعنا من متغيرات ليس طبيعياً، وإن كانت الثورة التقنية مقبولة، غير أن انعكاساتها السلبية التي هي من صنع أيدينا ليست بالطبيعية إطلاقاً بل هي شاذة بكل المعايير البشرية. فوسائل التواصل الاجتماعي وجدت في بيئات مخترعيها لإيجاد طرق حديثة تمكن أبناء مجتمعاتهم من التواصل فيما بينهم لانعدامها أساساً لكن في مجتمعنا وهو تقليدي بكل المعنى فالترابط المجتمعي كان عنواناً لكل علاقاتنا الأسرية والعائلية والمجتمعية غير أننا بدل أن نستخدم هذه الوسائط لتقوية ما كان سائداً انحرفنا بها إلى الانعزال والتقوقع وأصبح لكل فرد خاصة الأطفال والشباب عالمه الافتراضي المغلق جداً عليه هو وحده. وهذا أدى كنتيجة طبيعية إلى عدم تقدير هذه الفئات لمعنى «الكبير» و»المرجع» في الأسرة والمجتمع فاختفى بذلك تأثير كبير العائلة والأب وعمدة الحي ووجيه المجتمع وزاد الطين بله ابتعاد مؤسسات المجتمع الفكرية والتربوية عن القيام بدورها كما ينبغي فانتفت بذلك مكانتها في نفوس الطلاب وانعدمت كلية هيبة المدرسة والجامعة بما فيها من مدرسين وأساتذة وأعضاء هيئة تدريس.

رغم هذه الصورة القاتمة أؤمن بأن الحل ميسور وممكن جداً ولا يحتاج إلى عناء كبير بل يحتاج فقط إلى صدق أداء وإخلاص نية فتؤدي المدرسة أمانتها بكل حزم وانضباط وتسعى الجامعة إلى إبراز قيمتها بتهيئة المناخات الجاذبة لإبقاء طلابها وطالباتها في حالة انشغال متواصل بالعلم ومساربه، كما أن المؤسسات المجتمعية الأخرى من أندية أدبية ورياضية يجب على القائمين عليها أن يدركوا أدوارهم التربوية ويعملوا على تنفيذها بما يساهم في ردم الفجوة المعرفية التي أدت إلى تسطيح الفكر العام.

كما أن مراكز الأحياء وجمعيات الفنون لها مهامها الحيوية فهي ليست مجرد مجالس للوجاهة بل مراكز جذب للشباب والشابات بما يحقق تنمية مواهبهم في أجواء إبداعية مناسبة. وفوق هذا وذاك فوسائل الإعلام بكل تشكلاتها، المرئية والمسموعة والمقروءة، عليها دور كبير في إحداث نقلات توعوية حقيقية بعيداً عن التسطيح الذي تعيشه حالياً وإدراك أن أدوارها التربوية مهمة جداً وحتمية، ولو تم كل ذلك فحينها ستزول الغصة المؤلمة التي شعر بها شيخنا الفاضل أحمد البكري ومعها غصات كل الصادقين.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store