Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

دعوها فإنها منتنة

A A
ونحن في هذه المرحلة الزمنية التي نعيش فيها مقارعة الكثير من الأحداث المتلاطمة التي تحيط بوطننا الحبيب من كل الاتجاهات ما بين حاقد أو طامع أو حاسد نجد أن البعض هداهم الله يمارسون بث وإثارة النعرات الممقوتة في ديننا الحنيف كالتصنيف المذهبي والطائفي والقبائلي والمناطقي وهي التي قال عنها نبي الأمة صلى الله عليه وسلم ( دعوها فإنها منتنة ) ،ولاشك أن وصفها من نبي الأمة بالنتنة يؤكد حجم قبحها وضررها ومدى ما تتركه من تشتيت وتفريق وزرع وتأجيج للكراهية والتباغض بين أفراد المجتمع ، وهذا ما يترتب عليه ضعف التلاحم بين أفراد المجتمع وضمور اللحمة الوطنية ، وهذا ما يستوجب المسارعة في كبح جماح تلك النعرات وتتبع ومعاقبة من يمارسها عبر أجهزة الإعلام وبرامج التواصل وعبر منابر المساجد ، ولعلي حول ذلك أستغرب الصمت المستدام لمجلس شورانا الموقر الذي كنا نتأمل منه الكثير من المعالجات الفاعلة والجذرية للكثير من قضايانا المجتمعية لكنه وللأسف الشديد يتوارى كثيراً خلف جدران قبته التي لانعلم ماذا يدور بين جنباتها مما يعد عكس المتبع عند مجالس وبرلمانات العالم التي نجد نقاشاتها ومعالجاتها لمختلف القضايا تتم أمام كاميرات التلفاز ويشاهدها أفراد المجتمع كون تلك المجالس والبرلمانات تعد الممثل الحقيقي لأفراد المجتمع ، لكن الحال عندنا يختلف لسبب لا نعرفه ،ولعلنا قريباً وفي ظل حراك رؤيتنا 2030 نجد الكثير من القرارات حول المجلس وآليات انتخابه ومناقشاته للقضايا المجتمعية كون ذلك يعد من أبسط المتطلبات ( الشورية ) وكم هو ملح ومطلب أن يتولى مجلس شورانا الموقر مناقشة قضية تفتيت اللحمة الوطنية من خلال تجريم كافة ألوان العنصرية كالمذهبية والطائفية والمناطقية والقبائلية وسن القوانين الرادعة لها ومعاقبة كل ممارس لها على ضوء معايير دقيقة ومدروسة من قبل المتخصصين ،وعلى حد علمي أن مثل هذه القضية قد تم عرضها على المجلس من قبل عدة أعضاء أبرزهم النظام الذي تقدم به عضو الشورى السابق سعادة الدكتور سعد مارق مستشار أمير منطقة مكة المكرمة وهو المشروع الأكثر شمولاً ودقة لكن ذلك وللأسف الشديد لم يرَ النور وأقفلت عليه بعض أدراج مكاتب مجلس شورانا الموقر ولا نعلم سبباً لذلك، وكم أتمنى أن يبرز مرة أخرى ليرى النور حتى وإن تضمن بعض الإضافات اللازمة ،فكم نحن بحاجة الى سن ذلك النظام الرادع لكل متلاعب أو متهاون بوحدتنا الوطنية من خلال إثارة النعرات وتأجيج العنصريات القبائلية والمناطقية وكم هو جميل أن يُضمّن ذلك في مناهجنا المدرسية ومنابرنا الدعوية وكم هو أجمل أن تسن الأنظمة لمحاربة وردع عمليات الإقصاء ووأد الفكر وحريته التي لا تمس خطوطنا الحمراء التي يستوجب أن تحدد بدقة ووضوح حتى لا تتخذ مركباً لمن أراد الإضرار بالآخرين ،وكم أتمنى أن يعاد

النظر في مهام وفعاليات مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني الذي اقتصر دوره على بعض الأصوات الحوارية ضمن لقاءاته التي لم نرَ لها أي طحين ثم غابت شمسه .

ولعل تلك الحالة التي نعيشها من حولنا تستوجب اتخاذ الكثير من القرارات التي تتعلق بحاجات المواطن وإطار حريته ومشاركته المباشرة أو غير المباشرة في اتخاذ القرارات ذات العلاقة بمتطلباته الحياتية ،فهذا أمر حتمي وفق قواعد تشاركية ، فنحن والحمد لله نعيش ضمن المنظومة العالمية التي يقال عنها توصيفاً (قرية)، والله من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store