Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سالم بن أحمد سحاب

عن بادوك: كتب توماس فريدمان

ملح وسكر

A A
أعجبني كثيرًا المقال، الذي كتبه توماس فريدمان يوم 3 أكتوبر في صحيفة نيويورك تايمز عن مجزرة «لاس فيجاس»، وكان عنوانها: (ماذا لو كان ستيفن بادوك مسلما؟). ليس مضمون المقال هو الجديد، لكن صدوره من فريدمان هو الجديد.. طبعا لا يمكن وصف المقال بأنه جريء، فليس في قاموس هؤلاء القوم خانة لهذا الوصف، إذ لا سقف للجرأة، وإنما للمضمون من حيث اختلافه عن السائد أو المتوقع.

والسائد أو المتوقع هو الصمت عن وصم المجرم، الأبيض اللون، الأشقر الشعر؛ بالإرهاب، خاصة من قِبَل كاتب معروف بميوله المعادية للمسلمين عمومًا، وتحيُّزه لإسرائيل دوما.

لو كان المجرم بادوك مسلما، لغرّد (الرئيس دونالد ترامب قائلا: «كم قلت لكم ذلك!» كما كان يفعل بعد كل عمل إرهابي يقع في أوربا.. وستنطلق دعوات لتشكيل لجان لوضع قوانين جديدة لضمان عدم تكرار ما حدث.. ومن ثم سنمارس ضغوطا على دولة مُنفِّذ الهجوم! ولكن كيف لو عُلم أن الدولة ذاتها هي الولايات المتحدة نفسها؟).

طبعا لو قُرن هذا النص بتصريح الرئيس ترامب، الذي أكّد أن بادوك رجل مريض جدا، لأدركنا مدى ترسُّخ الانحياز الواضح ضد كل ما يمت للإسلام بأي صلة مهما بعدت الصلة، ومهما كان «المهاجم» مريضًا أو مختلا أو معتلا نفسيا.

لم يتبقَ على الرئيس الأمريكي سوى أن يدعو للمجرم القاتل بالرحمة والمغفرة، وأن يلحقه بالمساكين والضعفاء، مع أن من المفترض ألاّ يطلق الرئيس تصريحًا عن الجاني قبل ظهور التفاصيل الكاملة.

ومن التفاصيل التي ظهرت، أن بادوك كان ميسور الحال، كثير القمار، كامل العقل والأهلية، وأنه نفّذ جريمته بكل روية وإحكام، وعقب تخطيط دقيق يهدف إلى حصد أكبر عدد من الضحايا، باستخدام مسرعات لإطلاق الرصاص، حتى كأنه ينطلق من رشاش أوتوماتيكي سريع موجَّه لساحةٍ مفتوحة تضم أكثر من 20 ألف شخص.

وفي منزل بادوك عثرت الشرطة على قرابة 40 قطعة سلاح، فضلا عما وُجد في غرفته في الفندق، حيث مُورست الجريمة شبه الكاملة، والتي لا تصدر إلاّ من عاقل داهية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store