Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

الموز لأمريكا !

وما هذه الثورة إلا بداية لعهد جديد، وتصحيح لمسار الأحداث، وتغير مرغوب في وعي الشعب اليمني تجاه الحوثيين العُملاء الذين سلَّموا قيادهم لإيران، وكانوا أدوات طيِّعة في يدها لتُحكم عليهم وعلى وطنهم قبضتها

A A
الموز من ألَذِّ الفواكه طعمًا، وأكثرها نفعًا، وله لونُه المميَّز، ورائحته الذكية. وتُعد بلاد اليمن من البلدان المنتِجة والمصدِّرة له، وكم تلذذنا بمذاق الموز اليمني الذي لا يماثله نوع آخر في الشكل والطعم. غير أننا وخلال السنوات الثلاث الأخيرة لم نعد نجده بتلك الوفرة في الأسواق؛ وذلك بسبب سيطرة جماعة الحوثي (الانقلابية) المدعومة من إيران على مفاصل الحكم في اليمن الشقيق. جماعة الحوثي التابعة عقائديًّا لولاية الفقيه في إيران، ومنذ تشكُّلها على مسرح الأحداث في اليمن -قبل ربع قرن- اتخذت لها شعارًا صاغه لها ملالي إيران، وأصبحت مفرداته تجري على ألسنتهم مجرى الهواء في حناجرهم، ظاهِرُهُ الكُرهُ والعداءُ لأعداء الإسلام، وباطنُه خلافُ ذلك، وغدت مفرداته الرنانة تستهوي المخدوعِين والمتحمسِين، وتجعلهم يعيشون سكرة الأمل الزائف ونشوة الانتصار المتوهَّم، وعندما أقول (زائف ومتوهم) فليس تألِّيًا على الله -حاشى لله- فهو القادر على كل شيء، وإنما لأن الحوثيين ومن شابههم ليسوا صادقِين، ولا أصحاب قضية مع العدو، وإنما هم نفعيون يستترون في ظل تلك الشعارات ليستخِفُّوا بها الشعوبَ المسلمةَ كي تقف في صفهم حتى يحققوا غاياتهم البعيدة، ومن ثَم يتبرَّؤوا منها. الشعار الحوثي كما يعلمه الجميع هو (‏الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام)، هذا الشعار الطويل (المخادِع) لم تكد تخلو منه الميادين ومؤسسات الدولة التي يسيطر عليها الحوثيون، وأصبح الحوثيون -ومعهم المغلوب على أمرهم- يهذون به دون وعي، ودون تطبيق محسوس لمضامينه. ما حصل هو أن مضامين الشعار قد تم قلبُها من قِبَل القيادات الحوثية، فأصبح الموت شبحًا يتهدد اليمنيين الشرفاء بدلاً من أمريكا وإسرائيل، وأصبح النصر يُطلَب لا للإسلام وإنما لعيون الولي الفقيه. ثلاث سنوات مرت على هذه المسرحية الهزلية وأحرار اليمن وشعبه الأبي يتجرعون الويلات، وقتَها اتخذت المملكة قرارها بالتصدي لجماعة الحوثي الانقلابية من أجل إعادة الحكومة الشرعية من خلال التحالف العربي، وهو ما أثمر عن اندلاع الثورة المضادة التي تحركت السبت الماضي وقادها حزب المؤتمر الشعبي تسانده القبائل الحرة. وحتى كتابة هذا المقال فالكفة لصالح حزب المؤتمر والقبائل- رغم اغتيال الرئيس السابق علي عبد الله صالح أمس الأول- بدءًا من صنعاء العربية الأبية وانتهاء بمحافظات ومديريات الأطراف. ولعل المعركة تحسم قريباً ويندحر الحوثيون خاسرِين مذعنِين، وإن تأخرت قليلاً فطريق النصر يبدأ بخطوة، وما هذه الثورة إلا بداية لعهد جديد، وتصحيح لمسار الأحداث، وتغير مرغوب في وعي الشعب اليمني تجاه الحوثيين العُملاء الذين سلَّموا قيادهم لإيران، وكانوا أدوات طيِّعة في يدها لتُحكم عليهم وعلى وطنهم قبضتها. ولعل في هذا الوعي المتنامي لدى اليمنيين رسالة واضحة للبنانيين الذين خُدِعوا بما يسمى (حزب الله) فيخلِّصوا بيروت من قبضته، ولعل فيه أيضًا رسائل مماثلة لبغداد ودمشق وغيرهما مفادُها أن الموت (المزعوم) لم يقترب يومًا من أمريكا ولا إسرائيل، ولم تَدفع به إيران وعملاؤها إليهما بأي وسيلة، وإن كان هناك من دفْعٍ تَمَّ من الحوثيين وفق مقتضيات شعارهم (المخادِع) فربما كان دفع مزيدٍ من (الموز) لأمريكا.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store