Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد أحمد مشاط

كان بإمكان أي رئيس

الكلمات فواصل

A A
منذ نوفمبر من عام ١٩٩٥م -في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون- حين أصدر الكونجرس الأمريكي قراره بنقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس التي أسموها «العاصمة الموحدة لإسرائيل»؛ والرؤساء الأمريكيون المتتالون يُؤجِّلون تنفيذ القرار في كل عامٍ مرّتين، خشية الإضرار بمصالح بلادهم، وليظهروا في مظهر الوسيط المحايد في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويعلم العالم كله بأن الولايات المتحدة وسيط منحاز إلى دولة إسرائيل، وليس لأمريكا اهتمام جدّي في عملية السلام، لأن في مصلحتها السياسية والاستراتيجية بقاء الوضع في الشرق الأوسط على ما هو عليه من الاضطراب وعدم الاستقرار.

ولقد ظن بعضنا بأن الرئيس الأمريكي «ترامب» أحمق عندما أنفذ قرار الكونجرس الذي صدر منذ اثنين وعشرين عامًا، ولكن الحقيقة هي أن إصداره للقرار كان جسارة -من وجهة نظره- لا حمقًا. وجاء في التوقيت المناسب الذي يخدم مصالحه الشخصية، ومصالح بلاده، حتى وإن كان باديًا للناس بأنه ينفرد عن المجتمع الدولي باعترافه بمدينة القدس عاصمة موحدة لإسرائيل.

هذه الخطوة في حسابات الرئيس «ترامب» تبدو بأنها سوف تُعينه من الناحية الشخصية في تحريك «اللوبيات» الصهيونية اليهودية، وغيرها مما لها مصالح خاصة لمساندته؛ فتُعزِّز موقفه وتشغل انتباه الرأي العام الأمريكي عن التحقيقات والاتهامات الجارية لبعض مسؤولي حملته الانتخابية وعلاقتهم بالرّوس أثناء الانتخابات الرئاسية الماضية.

أما من ناحية المصالح الأمريكية فبيئتها أصبحت خصبة وفي أفضل الأزمان، حيث نرى دول الشرق الأوسط في أضعف أيامها؛ فهي منشغلة بالحروب، والانقسامات، والسعي لإنشاء دول، أو بتر وتقسيم دول أخرى، أو انهيار حكومات. بالإضافة إلى قلاقل الإرهاب وتنظيماته، والمواقف المذهبية، والصراع بين ثقافة التزمت وثقافة العصرنة.

إن المواقف الأمريكية لا تتغير بتغير الرؤساء؛ فقرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وإقرارها عاصمة موحدة لإسرائيل كان يستطيع اتخاذه من دون تردد أو خوف أي رئيس سابق أو لاحق للولايات المتحدة، طالما توفرت له هذه المعطيات الواضحة المشار إليها. فأين العجب؟.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store