Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد الثبيتي

التسوُّل .. عادة وليست حاجة

A A
تعاظم في الفترة الحالية عند إشارات المرور والأماكن العامة وجود الأطفال والنساء المتسولين في ظاهرة مُلفتة كُنا نحسبها انحسرت في فترات سابقة، ولكنها عادت بشراهة حتى يُخيَّل لك أنك أمام تكتلات بشرية تنتزع منك العطاء وأنت غير راضٍ جرَّاء الإلحاح المتسم بالقوة في الطلب عند أغلبيتهم، الأمر الذي يقودنا إلى التصديق بوجود منظمات تُدير هذه التحرُّكات ذات البعد الاقتصادي وامتهان الإنسانية واستغلال الحاجة من جانب المُنظمين في غياب مخجل لما يُسمى «مكافحة التسوُّل» مدعومة بطيبة تصل حد السذاجة في بعض أفراد المُجتمع الذين ينظرون لهم بأنهم محتاجون وعليهم وجوب مساعدتهم من باب الأخوُّة في الدين.

استمعت إلى مقطع تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي قبل أسبوعين يقوم صاحبه باستجواب العديد من الأطفال من الجنسية اليمنية التي دفعتهم ظروفهم الصعبة للخضوع لمافيا المتاجرة بالبشر مقابل سد رمق الجوع وضمان وجود مسكن لا يفي بأبجديات الحياة الإنسانية؛ مما يعني أننا أمام قنابل موقوتة جاهزة للانفجار متى ما وجدت نفسها مُحتقنة ناهيكم عن السلبيات التي تُفرزها مثل هذه الحالات والمتمثلة في ارتكاب الجرائم المرتبطة بالاعتداء على النفس والسرقة نتيجة إحساسهم بالدونية في ظل رؤيتهم لغيرهم وهم يرفلون في سعة من العيش، إضافة إلى الجرائم الأخلاقية التي تتولَّد من الاختلاط الموجَّه بين أعضاء التنظيم المُريب.

لذا فإن السكوت على الوضع الراهن تحت ذريعة العاطفة الدينية والمساعدة الإنسانية يعني أننا نُساهم في استغلال فئة تجرَّدت من كل القيم الفاضلة وسيطرت عليها الرغبة الجامحة لجمع المال بأي طرق كانت لأخرى لا حول لها ولا قوة سوى الإذعان لمنطق القوة السلبي الذي دفع بها لممارسة سلوكيات لا يرغبون فيها ولكن وبمنطوق المثل الشعبي «قال: من حدِّك على المُر.. قال: اللي أمَّر منه»؛ عليه يجب التوقف التام على منح المتسولين أي دعم مادي مهما كانت الحالة التي يدَّعيها والقصة المُحزنة التي يرويها ما لم يتم التأكد من موثوقيتها وحاجتهم الماسة لذلك، من أهمية تفعيل الرقابة الرسمية من الجهات ذات العلاقة وعدم الاعتماد على إدارة مكافحة التسول التي أثبتت مع الأيام قصورها في الحد من تعاظم الظاهرة وليس القضاء عليها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store