Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

علي السعيد: جمعيات الثقافة والفنون تسير بالبركة

No Image

A A
انتقد الباحث والكاتب المسرحي علي السعيد عدم وجود رؤية واضحة حيال المسرح السعودي، بحيث يصبح واحدًا من مكونات الحياة اليومية للمجتمع السعودي، مشيرًا إلى أن قلة الدعم وغياب الرؤية الواضحة يمثلان أكبر عائقين أمام المسرح السعودي، مرتئيًا أن الممثل السعودي بحاجة إلى الاستمرار في العمل المسرحي، والبحث عن صيغ جديدة لمواجهة مزاحمة السوشيال ميديا، داعيًا إلى الاهتمام بالمسرح المدرسي من خلال اختيار العناصر المدربة في هذا المجال؛ حتى تنهض به.. خطوات «السعيد» الأولى مع المسرح، ورؤيته لمهرجان المسرح السعودي، وجمعيات الثقافة والفنون، والجديد الذي أعده للساحة، وغيرها من المحاور الأخرى، في مساحة هذا الحوار..

حب مبكر



كيف كانت خطواتك الأولى مع المسرح.. ومن أثّر فيها؟

لم آتِ إلى مسرح بالصدفة؛ فمنذ طفولتي أحببت المسرح، ووقفت على خشبة المسرح في روضة معهد العاصمة النموذجي بالرياض عام 1389هـ / 1969م وكان عمري وقتذاك خمس سنوات، وكذلك الحال في المرحلة الابتدائية والمتوسطة، كما أني التحقت بجمعية الثقافة والفنون وأنا في المرحلة الثانوية.. ولكن المخرجين الذين عملت معهم كان لهم أثر في مسيرتي الفنية، بدءًا من عبدالرحمن المقرن، الذي أتاح لي الفرصة بالظهور في دور (كومبارس) في مسرحية قدر الشراكة، مرورًا بأستاذي القدير سمعان العاني، الذي رسخ لدي مبدأ الالتزام المسرحي، والأستاذ رشدي سلام، الذي كان له دور كبير في صقل حرفية التمثيل لدي، ولدى كثير من أبناء جيلي من الممثلين، وأيضًا الأستاذ جميل الجودي -رحمه الله- هؤلاء هم أكثر من عملت معهم، والتصقت بهم فترة كبيرة، إضافة إلى الأساتذة صبحي يوسف وعبدالغني بن طارة، وعثمان قمر الأنبياء. فكل مخرج عملت معه خرجت منه بدرس وفائدة، وما زلت أتعلم منهم. وأجزم أن شخصيتي كمخرج تشكلت من ملازمتي للثلاثة سمعان العاني وجميل الجودي ورشدي سلام، ويمكن أن يكون جميل الجودي أكثر تأثيرًا في مسألة الإخراج المسرحي، فقد عملت معه مساعدًا مخرجًا، وأنا طالب في جامعة الملك سعود، وكان يطلب مني رسم حركة مشاهد المسرحية، ويخرج من القاعة متعمدًا، من باب إتاحة الفرصة لي للتدرب على ذلك. أيضًا أدين بالفضل للأستاذ إبراهيم الحمدان الذي قدمني ككاتب، حينما قدمت له مسرحية «الجراد» مكتوبة بخط يدي؛ ليقرأها، فرشحها لتمثيل المملكة في مهرجان قرطاج المسرحي عام 1987، ثم مهرجان بغداد، وكنت آنذاك في ذلك أصغر كاتب مسرحي يشارك في تلك المهرجانات، وحققت المسرحية أول جائزة مسرحية لجمعية الثقافة والفنون (الشاهدة التقديرية من مهرجان قرطاج الدولي)، وأخرجها أستاذي سمعان العاني.

جهد.. ووعد



لم ابتعدت عن خشبة المسرح مؤخرًا.. وأين غابت شخصية ابن القصيم وعُنيزة؟

في ما يتصل بالشق الأول من السؤال، فالحقيقة أنني لم أبتعد عن التمثيل، فأنا حوله بشكل أو بآخر، لكن ظروف العمل في النشاط الطلابي، ورؤيتي التي حددتها لنفسي بدءًا من عام 1417هـ، أي منذ أن بدأت في تأسيس فرقة عنيزة المسرحية؛ فقد كرست جهدي للتدريب والإخراج المسرحي، ناهيك عن أن متطلبات عمل المشرف الثقافي في إدارات التعليم منهكة ومجهدة وتسرق كل جهد، لكن إن سنحت الفرصة لي في التمثيل سأعود.. أما الشخصية القصيمية والعنيزوية فحاضرة في كثير من الأعمال التي قدمناها في فرقة عنيزة المسرحية، وفيها رصد للمتغير الاجتماعي الذي مرت به المملكة؛ حيث إن المنطقة ليست استثناء عن باقي مناطق المملكة الأخرى.. وعمومًا لدي رضا تام ولله الحمد عن ما قدمته للمسرح في مجالي التأليف والإخراج، وأعتز بكل الأعمال التي قدمتها.. لكني في الوقت نفسه ما زلت أطمح لتقديم أعمال أخرى.

رغبة جادة



إلى أي الغايات يرمي المسرح السعودي.. وكيف السبيل إليها؟

على المستوى الشخصي أبحث عن المسرح بوصفه واحدًا من مكونات الحياة اليومية للمجتمع السعودي، بمعنى أن يكون ضمن برنامج حياة المواطن المعتاد أن يذهب للمسرح في الأسبوع مرة أو على الأقل في الشهر مرة، ولن يكفل ذلك إلا وجود رغبة وطنية رسمية جادة، تترجم بالعمل، وليس بالتصريحات التي ينطبق عليها «كلام الليل يمحوه النهار»، لهذا أسعى لإيجاد حركة مسرحية منتظمة.. وأذكر في هذا الصدد أنه في افتتاح الدورة الرابعة من مهرجان المسرح السعودي، الذي نظمته وزارة الثقافة والإعلام، أعلن وزير الثقافة آنذاك الأستاذ إياد مدني في كلمته أن المهرجان سيستمر كل عامين، ومضى الآن على هذه الكلمة عشر سنوات ولم تنفذ الدورة الخامسة.. وهذا يكشف واقع العمل في وزارة الثقافة والإعلام، وأن الأمور تتم حسب توجه ورغبة المسؤول، وليس حسب رؤية أو خطة أو استراتيجية معدة في الوزارة؛ لذلك وفي تقديري لا بد من أن تضع هيئة الثقافة في حسبانها رسم هيكليات إدارية للبرامج، قبل أن تنفذ أنشطتها؛ لأن الأنشطة قد تتوقف لسبب أو آخر ما لم تكن في صلب الهيكلية الإدارية التي تقوم عليها الهيئة.

أزمة المسرح المدرسي



من واقع اهتمامك كيف تبدو تجربة المسرح المدرسي؟

معضلة المسرح المدرسي تكمن في غياب المعلم المدرب تدريبًا مسرحيًّا، يمكنه من التعامل بشكل جيد مع طلابه في تنفيذ العمل المسرحي، سواء في الحفل المدرسي أو داخل حجرة الفصل أثناء الدرس، ونحن نتحدث عن أكثر من ثلاثين ألف مدرسة كل منها يجب أن يتوفر فيها معلم أو أكثر، مدرب تدريبًا جيدًا.. هذا في المقام الأول، الأمر الثاني ضعف المتابعة والتقويم، من قبل جهاز الوزارة لعمل الإدارات التعلمية في هذا المجال، والمنافسات المسرحية رغم أهميتها وأهمية استمرارها فإنها لا تكفي، ولا تعطي صورة حقيقية لواقع المسرح المدرسي في مدارسنا، إضافة إلى أن بعض الإدارات تتعامل معها؛ من أجل الوجود الإعلامي فقط، وتغفل مسارها الحقيقي؛ كونها هي المحصلة والخلاصة لنتاج عمل سنوي في المدارس كافة، بمعنى أن الأصل في مسابقة المنافسات أن تقام في كل إدارة تعليمية بين المدارس، ومن ثم ترشح المدرسة الفائزة لتمثيل الإدارة في التصفيات على مستوى المملكة، لكن للأسف فإن كثيرًا من إدارات التعليم لا تفعل ذلك، بل تجهز مسرحية تمثل إدارتها فقط، دون النظر لتنفيذها بين مدارسها، وهو الأصل لتحقيق أهداف النشاط المسرحي، كجزء من الأنشطة الطلابية بشكل عام، ويساعد على هذا عدم المتابعة أو المحاسبة من قبل الوزارة للإدارات المقصرة، فتتساوى الإدارات التي تعمل على تحقيق أهداف المسرح المدرسي والتي لا تعمل. وليس دور إدارات التعليم أن تشبع نهم المسرحيين، ولكن دورها أن تشبع نهم الطلاب مسرحيًّا، وأن تلبي حاجتهم الفنية والتربوية في هذا المجال، ويترجم هذا الإشباع المسرحيون من منسوبي وزارة التعليم بشرط أن تتاح لهم الفرصة، وأن يتعاملوا مع المسرح المدرسي وفق أهدافه التربوية أولًا، وقبل كل شيء.

نوايا كثيرة

• ماذا في

خاطرك من جديد.. وبماذا تعد متابعيك؟

جديدي على المسرح كان عملًا مسرحيًّا بعنوان «اجتماع طارئ» من تأليف الأستاذ سعد المسمى، وإخراجي لفرقة عنيزة المسرحية، وقد أنهينا العروض مؤخرًا بتقديم عرض خاص في سدن عنيزة للنزلاء، ونعمل الآن ضمن ورشة عمل على نص اجتماعي جديد يعالج بعضًا من الظواهر الاجتماعية الناشئة.. أضف إلى ذلك أن النوايا كثيرة، ولعل الوقت يسعفنا لأن ننجز ما قد بدأنا به من مشروعات، سواء كتابية في مجال التأليف، أو رؤى فنية من خلال مشروعات إخراجية، وبفضل الله تعالى صدر لي مؤخرًا كتاب بعنوان «يا فصيح لا تصيح» عبارة عن نصوص للمسرح المدرسي، وسيصدر لي قريبًا كتاب «أرنب نط» وطيّه نصوص للطفل، وهناك عدد من المشروعات، هي عبارة عن قراءات نقدية تحت الإعداد، ودراسات توثيقية في المسرح السعودي اتبعت فيها بعض الخطوات الأولى؛ هي الجمع ثم التصنيف، وقد صنف الأرشيف إلى أقسام عدة رئيسة، هي:

- النصوص المسرحية

- الكتب والدراسات المسرحية

- النصوص والدراسات المترجمة والمنشورة في السعودية

- الصور الفوتوغرافية

- العروض الموثقة بالفيديو

نشاط بالبركة



بأي رؤية تنظر إلى جمعيات الثقافة والفنون وخصوصًا فرع القصيم؟

جمعية الثقافة والفنون بمختلف مناطق المملكة لا يمكن أن نحمّلها أكثر

من طاقتها، فيكفي أنها بالرغم من مرور أكثر من أربعين عامًا على إنشائها فإنها لم تمتلك مبنًى واحدًا لها؛ فميزانياتها تستهلك في الإيجارات، وهذه مسؤولية متراكمة تتحملها خطط التنمية السابقة التي أغفلت التنمية الثقافية، ولم تعطها حقها كما ينبغي؛ لذلك كل ما يأتي من الجمعية أعتبره بركة؛ لأنها تسير بالبركة، والمسؤولية الآن على هيئة الثقافة كبيرة في رسم خريطة الثقافة والفنون بالمملكة من جديد.. أما فرع جمعية الثقافة والفنون بالقصيم فهو مثله مثل كثير من الفروع، لا يستطيع من خلال ما هو متاح له من ميزانية أن يقدم خدمة ثقافية وفنية لعشر محافظات؛ لذلك يجب أن يكون اسمه فرع الجمعية ببريدة؛ لأنه لا يستطيع بإمكاناته أن يتجاوز بأنشطته مدينة بريدة، والمنطقة بحاجة إلى أكثر من فرع، إضافة إلى كثير من محافظات وطننا الغالي.

لا دعم



ماذا تبقى من جمعية المسرحيين.. ماذا ينقص الممثل السعودي؟

لا أعتقد أن جمعية المسرحيين السعوديين تبقى منها شيء؛ بل كل الجمعيات المثيلة توقفت، أو شبه متوقفة؛ لأن الدعم الحكومي توقف، والتوجه تغير بتغير المسؤولين.. أما الممثل السعودي فينقصه الدعم الرسمي، والاستمرارية في العمل المسرحي، والبحث عن صيغ جديدة لمواجهة مزاحمة السوشيال ميديا.

تطلع



أي مستقبل للمسرح في فضاء الجنادرية؟

المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) هو الفعالية الوحيدة، التي تجسد الوحدة الوطنية لكل أبناء الوطن في مكان وزمان واحد، فكل الألوان واللهجات والأزياء تتشكل بشكل متناغم، لترسم لوحة الوطن. مهرجان عكاظ في دورته الماضية أصبح للمسرح فيه شخصية وتميز من خلال المسابقة الخاصة به، وفي تقديري أنها ستكون في الأعوام المقبلة أكثر قوة، وستضيف للمهرجان توهجًا أكبر.

عوائق



هل تؤيد احتكار شركات الإنتاج للممثل.. ولماذا؟

لا أؤيد عملية احتكار الشركات للممثلين؛ وذلك لأسباب عدة، أولها أن الاحتكار يتطلب احترافية في العمل، وهذه غير متوفرة في الشركات والمؤسسات الإنتاجية لدينا، وبيئة العمل ليست مهيئة لمثل هذا النوع من العمل الاحترافي، والاحتكار يتطلب أمانًا وظيفيًّا ومهنيًّا وتقاعديًّا للممثل، وهذا غير متوفر في المملكة؛ لأنه حتى مسمى مهنة ممثل غير موجود في لوائح وزارة الخدمة المدنية، أو وزارة العمل.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store