Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد أحمد مشاط

الفجوة بين الإرث والتطوّر

الكلمات فواصل

A A
كثيراً ما ينقسم الناس إلى قسمين متضادين.. قسم يريد التمسك بالواقع المعاش المحسوس ولا يرغب في تغييره أو تعديله أو تبديله حفاظاً على التاريخ والإرث والهوية؛ وقسم يريد الوصول إلى الأهداف والآمال التي تُرجى لتطوير الذات والانطلاق بعيداً عن الواقع الذي لا يمثل كثيراً من متطلبات العيش في ظل المتغيرات العالمية التي طرأت على المفاهيم، والتقانة، والتطور العلمي والفكري والثقافي، والتغيّر المجتمعي.

وبرغم أن القسمين يعيشان في مجتمع واحد، ويتحدث أحدهما مع الآخر بشكل يومي؛ إلا أن التواصل الحقيقي لا يرتقي بينهما إلى حدّ التفاهم والاتفاق.. لذلك يستمر عدم فهم وعدم اقتناع كل منهما بأولويات الآخر وقناعاته. إنه بلا شك صراع بين المستقبل الطموح غير الواضح تماماً إن كان سوف يتحقق يوماً ما، وبين الحاضر المعاش والمُجرّب حتى ولو شابته جوانب كثيرة أو قليلة من القصور، وحتى لو كان ذلك يجعله يتفاعل في ماضٍ لن يتكيّف مع التطور الحاليّ.

كثيرون يرون أن ما يحدث هو صراع الأجيال الحتمي الذي يحدث بين كل جيل وآخر، وهو أمر صحيّ وطبيعي ينشأ في أي مكان؛ وآخرون يرون أنه صراع الحضارات الغربية والشرقية عند قدومها من مجتمعات متطورة الثقافة والتقانة والسلوك إلى مجتمعات منغلقة تكون أولوياتها العيش على إرث الماضي في الوقت الذي تسعى فيه لتطوير مجتمعاتها لتناسب الحاضر وتقدمه.

لذا نرى كل فريق يبتعد عن تواصله مع الفريق الآخر، إما لعدم فهم أحدهما للآخر أو لاعتقاد أحدهما بأن الآخر على خطأ وهو على صواب؛ وكل ذلك لا يقود إلا إلى مزيد من الشقاق والتباعد، ويوسّع فجوة عدم التفاهم بينهما، ويضعف الأمة.

إن إحداث التطوير والتقدم بواقعية وبالتوافق مع إرث المجتمعات وجذورها وتاريخها، يحتاج إلى تواصل جاد بين الفريقين يردم الفجوات ويسعى إلى فهم حقيقي متكامل بينهما.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store