Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أويس عبد الرحيم كنسارة

مساحة تفاؤل

A A
* يحكى أن رجلاً كان مع أهله في الصحراء، وكان لهم ديك للإيقاظ، وكلب للحراسة، وحمار يحمل أغراضهم. وذات ليلة، هجم الثعلب على الديك فأكله، فحزنوا كلهم إلا الرجل، وقال: لعل في الأمر خيراً. ثم تسلل ذئب فهجم على الحمار فقتله، فحزنوا كلهم إلا الرجل، وقال: لعل في الأمر خيراً. ثم أصيب الكلب إصابة بالغة فمات، فحزنوا كلهم إلا الرجل، وقال: لعل في الأمر خيراً. وحين طلع الصباح رأوا خيام جيرانهم مسروقة خاوية، وأهلها في الأسر والسبي بعد أن أغار عليهم لصوص اهتدوا إليهم ليلاً بأصوات حيواناتهم.. ونجا الرجل وأهله بهلاك حيواناته! وهكذا دوماً تأتي ثمار التفاؤل والثقة وحسن الظن بالله.

* إننا نخطئ بحق أنفسنا كثيرًا حينما نظن أن حدثاً ما هو نهاية العالم، وحين نُصرّ على مشاهدة الأحداث من الزاوية المعتمة، التي لا ترى الا النصف الفارغ من الكأس.. والحقيقة أن الحياة لا تقف أبداً، ونحن فقط من يتوقف، ونُضيّع الكثير من الفرص التي لا تنتظر نهوضنا.

* قرأت قاعدة نفسية صادقة تقول: «ما تمارسه يومياً سوف تتقنه بكفاءة عالية، فعندما تمارس القلق ستقلق لأتفه الأمور، وعندما تمارس الغضب ستغضب بدون سبب..» فما أجملها من فكرة أن نمارس التفاؤل لنتقن الطمأنينة والسعادة، ونمارس الشكر والامتنان لنتقن الوفرة والاستزادة، ونمارس الحب لكي نتقن الأُلفة والوئام، ونمارس الضحك كي تضحك لنا الحياة!

* إن نظرتنا للأمور هي التي تحدد مصائرنا، وستظل مشكلاتنا تنمو إن داومنا نعالج المشكلة الجديدة بنفس أسلوبنا القديم، فمفتاح الحياة ببساطة يقول: إذا غيرت نظرتك للأشياء؛ الأشياء التي تنظر اليها تتغير! وبين تعدد زوايا النظر، هناك دائمًا زاوية نظر إيجابية، زاوية أجمل، متفائلة أكثر، يتجلّى منها حسن الظن.. تبدو ساذجة أحياناً، ولكن الكيّس الحكيم دائمًا ما يسارع لينظر من خلالها. بادر إليها، تحلّى بها، في كل موقف، ومع كل فعل، وتجاه كل شخص، فسّر بها كل شيء، لتهنأ بكل شيء: السعادة وراحة البال والحياة الطيبة.

* ختاماً، تذكر دائماً، عند كل معضلة تتوقف عندها، أنك تجاوزت الكثير من سابقاتها القديمة، وأن الذي خلق التعثّر، قد خلق النهوض، وأن الضربة التي لا تميتُك.. تزيدك قوّة وثباتاً وحِكمة! أما إذا اردت سبباً للابتهاج الآن، فيكفي أن الله بلغك رمضان!!

***

(اللهُمّ أصلح برمضان قلوبنا واجبر فيه ما انكسر، وقوِّم فيه ما اعوج، واهدِ بها من تاه وبصِّر منها ما احتار، وقَوِّنا فيهِ عَلى اِقامَةِ اَمرِكَ، وَاَذِقنا فيهِ حَلاوَةِ ذِكْرِكَ، وَاَوْزِعْنا فيهِ لِأداءِ شُكْرِكَ بِكَرَمِكَ، وَاحْفَظْنا فيهِ بِحِفظِكَ وَسَتْرِكَ يا اَبصَرَ النّاظِرينَ).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store