Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حرب الكوريتين إلى أين ستقود العالم ؟

في حادثة أعتبرت الأخطر منذ توقف الحرب الكورية عام 1953م تبادلت الكوريتان الشمالية والجنوبية يوم الاربعاء الماضي القصف العسكري كما و تبادلتا الاتهامات بالبدء بالاستفزاز ، و إن اعترفت الجنوبية منهما

A A

في حادثة أعتبرت الأخطر منذ توقف الحرب الكورية عام 1953م تبادلت الكوريتان الشمالية والجنوبية يوم الاربعاء الماضي القصف العسكري كما و تبادلتا الاتهامات بالبدء بالاستفزاز ، و إن اعترفت الجنوبية منهما بالبدء بإطلاق القذائف نحو المياه الإقيليمية المتنازع عليها. و في محاولة تشكيل تصور عن ما جرى و يجرى في شبه الجزيرة الكورية و أهمية تداعياته على العالم بأسره فإن أول ما يتبادر إلى الذهن شطط النظام الشيوعي الحاكم بكوريا الشمالية وتصرفات ومواقف حاكمها المتفرد برأيه الأقرب للجنون والتشنج منها للحكم الرشيد والرأي السديد ، ومع ذلك يرى بعض المحللين السياسيين المطلعين على خفايا العلاقات الكورية إن أجندة الإستفزاز الكوري-الكوري بغض النظر عن البادئ والمتجاوب برد الفعل المتوقع هي أجندة عالمية بمثابة محاولة إشعال فتيل حرب صينية – أمريكية تهدف من ورائها المؤسسة المالية الأمريكية إلى إنقاذ الاقتصاد الأمريكي من الإنهيار المطلق القادم الذى غدا قاب قوسين أو أدنى بالتملص من دفع المديونية و ذلك في تكرار لتكتيك امريكي مشهور تاريخياً بشن الحرب على الدول الدائنة و إلغاء الديون الأمريكية المضلعة ، و الدول الدائنة الكبرى لأمريكا في هذه الحقبة التاريخية بكل تأكيد هي الصين التي تتخطى ديونها للولايات المتحدة طبقاً لتقديرات «الواشنطن بوست» الأمريكية 1,700 مليار أو 1,7 ترليون دولار أمريكي. الكل يعلم حالياً بأن كوريا الشمالية دولة نووية و أنها تمتلك من الأسلحة التقليدية ما الله به عليم و أنها أبنة الصين المدللة و الحليف التاريخي للإتحاد السوفيتي السابق و أن نظام الحكم فيها كما أسلفنا ليس بين تصرفاته و بين الجنون إلا شعرة ، و أنه يتوقع أن تقوم أثناء تجدد الأزمة مع الشطر الكوري الجنوبي بتجارب نووية جديدة لابراز أنيابها النووية التي لا تنوء عن إبتسام ، مما يثير تساؤلات شتى عن من يقف وراء هذا الإستفزاز العسكري المخيف الذي من أولى تداعياته إصدار الرئيس الأمريكي باراك أوباما أوامره بتوجه حاملة الطائرات الأمريكية جورج واشنطن و التي تحمل رؤوساً نووية من مياه اليابان إلى البحر الأصفر للإسهام في مناورات مشتركة مع كوريا الجنوبية تستمر 4 أيام بالرغم من إعتراض الصين على ذلك التطور الخطير خصوصاً في ظل «التعنت» الشمالي الرافض لعقد محادثات عن هجوم الأربعاء تقدمت به الأمم المتحدة بناءً على طلب من الولايات المتحدة الأمريكية ، مبدية عزمها الأكيد (أعنى كوريا الشمالية) على خوض حرب نووية لا تريد فيها الإستماع إلى النصح من أحد ، محذرة بتكرار الهجوم ضد الجنوبيين في حال قيام كوريا الجنوبية بأي تحرشات عسكرية «متهورة» على حد وصف الشماليين. البعض يرى أن السبب الحقيقي وراء الإستفزاز الأمريكي-الكوري الجنوبي المتعمد لكوريا الشمالية هو الإستفزاز غير المباشر للصين العدو الاقتصادي الأول للولايات المتحدة ، و عدم رضى الإمريكيين عن الرفض الصيني للرضوخ للمطالب الأمريكية بإعادة تقييم الأوان الصيني لصالح الدولار الأمريكي المتداعي التي جاءت أخر محاولاتها بشأنه في إجتماع الـ 20 في مدينة سيول العاصمة الكورية الجنوبية ، لا سيما في عقب الإتفاق الصيني الروسي مؤخراً على إقصاء الدولار في التعاملات التجارية فيما بين البلدين ، ناهيك عن القلق المتصاعد للولايات المتحدة من إزدياد النفوذ السياسي و الاقتصادي والعسكري للصين إقليمياً وعالمياً، ومن المفارقة الكبرى بين تعامل الولايات المتحدة و الصين مع مصادر الطاقة العالمية إذ تعمد الأخيرة إلى عقد الصفقات السلمية الرابحة مع المصدرين للطاقة بينما تستولي الولايات المتحدة على مصادر الطاقة و شبكات توزيعها العالمية بقوة الحديد و النار تحت سمع العالم و بصره مما يجعل من الصين شريكاً تنموياً لكثير من دول العالم لا سيما في الدول الأفريقية حيث ينشغل الصينيون حالياً بتطوير البنية التحتية لكثير من دول القارة السوداء في مقابل مصادر الطاقة في نهج مغاير لنهج الولايات المتحدة الأمريكية تماماً و التي تصر على وصف ذاتها بأنها القوة العالمية العظمى الوحيدة بعد إنتهاء الإتحاد السوفيتي و الحرب الباردة و تعطي نفسها بالتالي حق البلطجة على شعوب العالم و ليس تبادل المصالح معها ، و من المنطقي إن يؤدي ذلك إلى السخط الأمريكي على الصين و تنامي النفوذ الصيني عند بقية شعوب العالم. و ليت شعري كيف ستتجرأ الولايات المتحدة إن صحت هذه القراءة السياسية عن الحرب الكورية الوشيكة على الصدام العسكري بالصين النووية ذات المليار و ثلاثمائة مليون نسمة وذات أكبر جيش بالعالم يفوق عديده 2,25 مليون فرد لا سيما في ظل الإخفاقات العسكرية الأمريكية بالعراق و أفغانستان و غيرها من دول العالم ، إلا أن يكون قادتها قد فقدوا الرشد و لم يجدوا مخرجاً لمشاكلهم الاقتصادية و الضربة العالمية القاضية على الدولار سوى بالمغامرة بمصير العالم و إشعال حرب قد تقود العالم للهاوية ، و سؤال ملح جداً زعموا أن الرشد السياسي في النظام الديموقراطي القادر على تصحيح أخطائه فأي رشد ترسمه سلوكيات الديموقراطية الأمريكية للعالم ؟!sami_habib@maktoob.com

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store