Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

آل البيت وأهل البيت

ومن ذلك نستطيع القول إن (آل) يُقصد به كل المؤمنين من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وأن (أهل) يُقصَد بها الأسرة.. كما نقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن لديه ولد على قيد الحياة ليستمر نسبه، ونعلم أن الانتساب يكون للأب لا للأم

A A
في ظل حالة الشغف المفرطة التي عاشها ولازال يعيشها العرب قبل الإسلام وبعده بموضوع الأنساب والمباهاة بها، التي تصل أحياناً لحد الاقتتال وإزهاق الكثير من الأرواح إذا لزم الأمر، والتي مقتها القرآن الكريم، وحدَّد درجة الكرامة بالتقوى لا بالنسب، في قوله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، ولعل اللافت للانتباه أن تلك الحالة قد تحوَّل بعضها إلى مسمياتٍ لدول، كالدولة الأموية والعباسية على سبيل المثال لا الحصر، ثم تنامت في هذه المرحلة الزمنية التي نعيشها، حتَّى تحوَّلت أغلبها إلى قضايا مستعصية، ولعل الزعم بالانتساب إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم يُعدُّ الأكثر رواجاً وتقديساً، لذا سوف نقتصر الحديث عن ذلك، من خلال المصدر الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو كتاب الله الكريم، وسوف أبتعد عن التراث، لما يتضمَّنه من الكذب والتزوير والتضليل، عدا الصحيح المتواتر من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكي نناقش الموضوع بصدقٍ وموضوعية، علينا أن نعود إلى أصل التسمية (أهل البيت وآل البيت)، ثم نستشهد بما ورد في القرآن منهما لنُحلِّل المراد به، وكما نعلم أن القرآن الكريم لا يوجد به ترادف، فلكل كلمة منه معناها الخاص بها، حيث نجد أن كلمة «أهل» في القرآن، وردت للعاقل ولغير العاقل، كما وردت لـ»لمعرفة والنكرة»، و»الصفة والمكان والحرفة»، أما (آل)، فلا تُضاف إلا لـ»المعرفة»، فلا تُضاف للنكرة ولا تتعدَّى بـ»آل» التعريف، لذا نجد الخطأ الكبير في عبارة (آل البيت)، حيث أُضيفت لغير العاقل وتعدَّت بـ(آل) التعريف، مما يُؤكِّد خطأ ما ورد في التراث، وبالعودة إلى بعض ما ورد في القرآن الكريم، لوجدنا تأكيداً لذلك كقوله تعالى: (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُون)، حيث نجد هنا أن (آل) وَصفَت الأتباع، فمَن أُهلك هم أتباع فرعون لا أسرته).

وفي قوله تعالى: (إلا آل لوط إنَّا لمنجوهم أجمعين)، حيث نجَّا الله سبحانه كل أتباع لوط، ثم استثنى امرأته عند ذكر (أهل) في قوله تعالى: (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ)، حيث يتضح بجلاء الفرق بين الكلمتين، كما يتضح ذلك في قوله تعالى عن مخاطبة نساء النبي: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا).

ومن ذلك نستطيع القول إن (آل) يُقصد به كل المؤمنين من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وأن (أهل) يُقصَد بها الأسرة.. كما نقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن لديه ولد على قيد الحياة ليستمر نسبه، ونعلم أن الانتساب يكون للأب لا للأم ، والحسن والحسين رضي الله عنهما هم أبناء علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حتى لو كانت فاطمة «والدتهما» ابنة النبي.

وفي جانب آخر، نجد أن العديد ممَّن يزعمون الانتساب إلى بيت النبوة يُغالطون الحقيقة، بل إن بعضهم يتلبَّس عباءة التقديس تحت هذه المظلة، ولو كانت تلك التسمية صحيحة لشملت أعمامه، ومنهم «أبو لهب - الكافر»، ولشملت «جعفر وعقيل وطالب» أخوة «علي»، ولشملت زوجاته فهم من (أهله)، وهم أيضاً من (آله) أي أتباعه الذين آمنوا به، ما عدا مَن كَفر، كأبي لهب، فهو ليس من (آله) صلى الله عليه وسلم، والحديث يطول لكن المساحة المتاحة لا تكفي. والله من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store