Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

جشع التجار وانتحار الأبقار!

وهنا إذا كان أُولئك قد غَاب ضميرهم الديني والمهني؛ لِيَتجاوزَ جَشَعُهم الحدود واللامعقول؛ فإن على وزارة التجارة، وجمعيات حماية المستهلك أن تمارس رسالتها ودورها بصَرامة؛ بحيث تسيطر على الأسواق؛ رحمةً بذوي الدّخل المحدود

A A
* (زلزال وإعصار تُسونامي) الذي ضَرَبَ شرق اليابان عام 2011م، كان من الكوارث الطبيعية الكُبرى تاريخياً؛ إذ خَلَّف أكثر من سبعة عشر ألفاً بين قتيل وجريح، كما أدى إلى انهيار البنية التحتية لعِدة مدن؛ ولكن خفّف من معاناة الناس تكاتفهم، وإحساسهم بالمسؤولية الاجتماعية كُلٌّ فيما يخصّه!

* فما زال يَسْكُنُ ذاكرتي تقرير تلفزيوني بَثّته إحدى القنوات الفضائية يرصد عودة الحياة الطبيعية لِمُدن متضررة، وفَتْحَ بعض المحلات التجارية فيها لأبوابها أمام المواطنين، ولأن المواد الاستهلاكية كانت شحيحة لِتَعطّل وسائل المواصلات، ولكثرة الطلب عليها؛ فقد سأل مراسل القناة عدداً من أصحاب تلك المحلات: هل تتوقعون ارتفاعاً للأسعار؟ وهنا ظهرت ملامح التعجب والدّهْشَة على وجوههم، لتأتي إجاباتهم رافعةً صَوتها، نابضة بالإنسانية: (لماذا ترتفع الأسعار ؟!، لا لن نفعل ذلك)!

* ذلك المَشهد تذكَّرته، و(بعض تجارنا) الذين كانوا لسنواتٍ طويلة يحظون بالدعَم والتسهيلات من الحكومة دون أن تُفْرضَ عليهم ضرائب؛ مما جعلهم يُحَقِّقون أرباحاً كبيرة، لم تتأثر سلباً بالركود الاقتصادي العالمي، وتقلبات الأسواق؛ فأولئك كان واجبهم أن يَردّوا الدَّيْنَ لوطن قَدّم لهم الكثير؛ بحيث يُساهمون في التخفيف عن المواطنين، وذلك بأن يتحمَّلوا قيمة أيِّ ارتفاع قد يطرأ على تكاليف الإنتاج أو الاستيراد.

* ولكنهم وللأسف الشديد أصبحوا يختلقون الأعذار من أجل زيادة الأسعار؛ وامتصاص المزيد من دماء المستهلكين؛ فسقوطُ (حَبّات مَطَرِ) في (الهِند)؛ سيكون ذريعة لارتفاع (الأَرُز) في ديارنا، وانتحار مجموعة من الأبقار في هولندا أو الدانمارك، قَد يكونُ سَبباً وَجِيْهاً من أجله تَرْفَعُ (بعض) شركات الألبان قيمة منتجاتها في بلادنا!

* وهنا إذا كان أُولئك قد غَاب ضميرهم الديني والمهني؛ لِيَتجاوزَ جَشَعُهم الحدود واللامعقول؛ فإن على وزارة التجارة، وجمعيات حماية المستهلك أن تمارس رسالتها ودورها بصَرامة؛ بحيث تسيطر على الأسواق؛ رحمةً بذوي الدّخل المحدود.

* أيضاً على المستهلكين الأعزاء أن يأخذوا في ممارساتهم الشرائية بسياسة «عمر الفاروق رضي الله عنه»، الذي قال للناس عند شكواهم من زيادة أسعار اللّحْم في زمنه: (أرخصوه أنتم، فقالوا: كيف يا أمير المؤمنين؟ قال: اتركوه لهم)، ولاسيما أن أسواقنا -ولله الحمد- مفتوحة، والبدائل الأرخَصُ فيها متوفرة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store