Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

السياحة.. بين الداخل والخارج!

إن الأذواق تختلف من شخصٍ إلى آخر، فبعضنا يُفضِّل قضاء إجازته السنوية داخلياً، حيث إن هناك آثاراً وأماكن سياحية عديدة تتمتع بها بلادنا ولله الحمد، هذا بخلاف وجود الحرمين الشريفين، والبعض الآخر يفضل قضاء إجازته خارج البلاد، وكل منا له حرية الاختيار

A A
عند نزول القرآن الكريم بآيات الصيام، كانت الرحمة للمسافر بالإفطار، على أن يُعيد صيام ما فاته من أيام بعد عودته إلى دياره.

اليوم؛ لم يَعُد في السفر مشقَّة، حيث تقدَّمت وسائل السفر البرية ولا تتطلَّب الرحلة بالسيارة ما بين الحرمين الشريفين أكثر من أربع ساعات، وبقطار الحرمين أقل من ساعتين، والسياحة أصبحت صناعة تتطوَّر موسمًا بعد موسم، والدخل منها عند بعض البلدان التي أكرمها الله بموقعٍ مميَّز وحضارة عريقة مرتفع جداً، ويعتبر بعض المقتدرين أن الخروج من شهر رمضان فرصة لقضاء إجازاتهم خارج الحدود. ولدى شركات السياحة برامج مغرية لعُشَّاق السياحة البحرية؛ لزيارة العديد من الموانئ والمدن في خلال أسبوعين وبتكلفة معقولة.. في حين يعتبر آخرون أن بلادنا تتمتع بمواقع سياحية خلابة، ويُفضِّلون قضاء إجازاتهم داخلياً.

طار صديق لي مع أسرته من جدة إلى استانبول، ومن مينائها البحري أخذ المركب العائم (الفيري بوت) الذي يعبر بركابه البوسفور داخلًا البحر الأبيض المتوسط، متوقفًا في العديد من الموانئ، متيحًا لمن على المركب النزول إلى اليابسة؛ لتفقُّد معالم المدينة التي رسا فيها، وزيارة آثارها، والتمتُّع بمطاعمها ونواديها. وبحاسة الأديب المطَّلع على التاريخ القديم والحديث لشعوب المنطقة، وثَّق بكاميرا تليفونه الذكي كل محطة توقَّف بها، وكل أثر شاهده وكل وجبة طعام تذوَّقها.

قادتني توثيقاته في وسائل التواصل الاجتماعي إلى رحلات اليابانيين في عطلات نهاية الأسبوع؛ حيث يزورون عاصمتين، ويمتِّعون أنفسهم بما فيهما من فنادق ومطاعم ومسارح ونوادٍ وصالات عرض. فهم يُغادرون مكاتب عملهم في طوكيو أو في أوساكا في منتصف نهار يوم الجمعة، ليلحقوا بالطائرة المتجهة إلى لندن، مدة الطيران 11 ساعة، وفارق التوقيت 8 ساعات، وبهذا يصلون لندن قبل غروب الشمس بساعات، ويتوجَّهون من المطار إلى الفندق لراحة قصيرة، ومنه يبدأون برنامج رحلتهم، ففي صباح يوم السبت يتناولون إفطارهم في مطعم الفندق، ثمَّ يقومون بجولة سريعة في الحافلة السياحية للتعرف على معالم المدينة، ومن ثَمَّ العودة إلى الفندق بعد تناول طعام الغداء، ومنه إلى المطار، لأخذ الطائرة المتجهة إلى باريس، ومن المطار إلى الفندق ثم تناول الإفطار في مطعمه، ومنه إلى قصر الإليزية، فالمتحف، فجولة عامة للتعرف على معالم باريس، ثم العودة إلى الفندق، فالمطار. ومن المطار يتجه كل منهم إلى مركز عمله، ليجتمعوا فيما بعد، ويناقش كل واحد منهم تقريره عن الزيارة لأشهر عاصمتين أوربِّيَّتَيْن، وتناوله الطعام في أرقى المطاعم وزيارته للمسارح وصالات العرض، وما لفت نظره من التجول على الأقدام، مستعرضًا ما في واجهات المحلات التجارية من سلع، وما قد يكون ممكنًا للمنتجات اليابانية أن تأخذ طريقها إلى تلك الواجهات.

وفي النهاية أقول: إن الأذواق تختلف من شخصٍ إلى آخر، فبعضنا يُفضِّل قضاء إجازته السنوية داخليا، حيث إن هناك آثاراً وأماكن سياحية عديدة تتمتع بها بلادنا ولله الحمد، هذا بخلاف وجود الحرمين الشريفين، والبعض الآخر يفضل قضاء إجازته خارج البلاد، وكل منا له حرية الاختيار.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store