Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

عن الأصل دوَّر

وهنا ينقسم الرأي العام العالمي ثانية بين مثمِّنٍ ولاء الفريق الأسمر للبلد الذي رعاهم منذ أن فتحوا عيونهم تحت سمائه، ووفَّر لهم الحقوق ذاتها التي يتمتع بها كافة المواطنين بالدم والحسب والنسب، فجدُّوا واجتهدوا وثابروا حتى تسلموا الكأس الذهبي باسم فرنسا، ورفعوه بين يدي رئيس الجمهورية الفرنسية، وبين من يرجع تفوقهم إلى جينات اكتسبوها من أجدادهم الأفارقة الذين تركوا بصمات مضيئة في مسيرة الحضارة الإنسانية

A A
اخْتُتِمَ قبل أيام مهرجان عرس مونديال موسكو 2018 بعد أن خرج منه بعض دون حمص وبعض آخر بما يحفظ ماء الوجه، وحظيت مباراة مسك الختام بين فرنسا وكرواتيا بنصيب الأسد من حيث الحضور الذي أوصل سعر شراء بطاقة الدخول من السوق السوداء لمبالغ فلكية، ومن حيث المتابعة عبر شاشات الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي في كافة أقطار العالم. حظيت فرنسا بالكأس، مخيبة آمال الشعوب التي عانت من الاستعمار الأوروبي بصفة عامة والفرنسي بصفة خاصة، الذين كانوا يحلمون بأن يكون الكأس من نصيب كرواتيا، البلد الحديث الذي نتج عن ولادة قيصرية قطعت أوصال يوغوسلافيا إلى دويلات متعددة، وكان من حسن الطالع لدويلة كرواتيا أن يتسنَّم حكمها سيدة رفعها الإعلام العالمي إلى مصاف العظماء خَلْقًا وخُلُقًا وأداءً.
ومع فرح فرنسا بالكأس انقسم الرأي العام العالمي بين مثمِّنٍ لفرنسا إثر تفوُّق فريقها في المباريات التي خاضها مع عمالقة كرة القدم، ومجيِّرٍ الفضل للفريق المنحدرة أصول لاعبيه من القارة الأفريقية، وليس بينهم لاعب واحد فرنسي الدم أبًا عن جدٍّ. وهنا ينقسم الرأي العام العالمي ثانية بين مثمِّنٍ ولاء الفريق الأسمر للبلد الذي رعاهم منذ أن فتحوا عيونهم تحت سمائه، ووفَّر لهم الحقوق ذاتها التي يتمتع بها كافة المواطنين بالدم والحسب والنسب، فجدُّوا واجتهدوا وثابروا حتى تسلموا الكأس الذهبي باسم فرنسا، ورفعوه بين يدي رئيس الجمهورية الفرنسية، وبين من يرجع تفوقهم إلى جينات اكتسبوها من أجدادهم الأفارقة الذين تركوا بصمات مضيئة في مسيرة الحضارة الإنسانية، كان من أبرزها أداء الأولين من أجدادهم الذين عبروا البحر مع طارق بن زياد وحطوا رحالهم في شبه الجزيرة الأيبيرية مشاركين عرب المشرق في إعلاء راية التوحيد «لا إله إلا الله محمد رسول الله». ومؤسسين دولة راعت تعدد الأعراق والمعتقدات، ميسِّرة لجميع مواطنيها سبل العيش الكريم ونهل العلم والمعرفة، حيث كانت القراءة والكتابة في دول الجوار حكرًا على رجال الكهنوت في الوقت الذي كانت شعوبها تغط في أمية وجهل وفقر مدقع. وهنا تبدو الإجابة عن سؤال : دوَّر عن الأصل.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store