Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل يجوز الطواف بالبيت الحرام على غير طهارة؟

هل يجوز الطواف بالبيت الحرام على غير طهارة؟

من فقه التيسير.. شروط الحفاظ على وضوء الطائفين

A A
تتضارب الفتاوى التي يسمعها الحجاج حول شرط الطهارة من الحدث الأصغر لصحة الطواف بالبيت الحرام.. وتحاول «المدينة» في هذا الموضوع إيجاد إجابة واضحة حول شروط الطهارة في الطواف، خاصة مع وجود فتوى للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ يتحدث فيها عن عدم اشتراط الطهارة من الحدث الأصغر للطواف بالبيت، تيسيرا على الحجاج والمعتمرين.. وفيما يلي نورد بعض آراء الفقهاء والمتخصصين.

اختلف العلماء على أقوال

يستعرض المطوف أحمد العطاس ـ محاضر بجامعة الملك عبدالعزيز,

عضو مجلس إدارة مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا ـ اختلاف العلماء في هذه المسألة:

1 - اشتراط الطهارة من الحدث والنجس في الطواف بحيث إذا فقدت الطهارة لم يصح الطواف سواء في ذلك كل الطواف أو بعضه وهو مذهب جمهور المالكية وجميع الشافعية والحنابلة على تفصيل سيأتي ذكره.

2- القول بوجوب الطهارة وهو رواية عن الإمام أحمد فمن تركه ناسيا أو متعمدا فعليه دم وهو مذهب الحنفية وعلى مذهب الأحناف فمن بدأ طواف الإفاضة محدثا فطوافه صحيح وهو مخير بين الدم وبين أن يعيد طوافه ولا شيء عليه وهو الأفضل. ومن بدأ طواف الإفاضة طاهرا ثم طرأ عليه الحدث ففيه تفصيل فإن طاف أربعة أشواط فصاعدا فعليه صدقة لكل شوط وإن طاف ثلاثة أشواط فما دون فإنه مخير بين الدم وبين الإعادة وهي أفضل.

3- القول بسنية الطهارة وهو مروي عن النخعي وهو قول للظاهرية واختيار الإمام محمد بن شجاع من الحنفية واختيار المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي من المالكية وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وبعض السلف قال ابن أبي شيبة في المصنف: حدثنا غندر، حدثنا شعبة، سألت الحكم وحمادًا ومنصورًا وسليمان عن الرجل يطوف بالبيت على غير طهارة، فلم يروا به بأسًا.

الإيجاب يحتاج إلى حجة واضحة

يقول الدكتور إبراهيم بن محمد قاسم الميمن الأستاذ بالمعهد العالي للقضاء ووكيل جامعة الإمام لشؤون المعاهد العلمية:

الطهارة من الحدث فيما يتعلق بالطواف بالبيت لا شك أن هذا هو الأفضل والأكمل والأقرب إلى اتباع هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا ينبغي للإنسان مع السِّعة أن يُخل بهذا الشأن الذي رآه الكثير من العلماء شرطا وأن يحاول ما أمكن أن يكون على طهارة لا سيما وأن هذا المقام وهذه البقعة المقدسة وهذه العبادة لها مكانتها وقدسيتها وتشبه الصلاة كما ورد ولذا ينبغي أن يكون الإنسان على طهارة من الحدث الأصغر وأما الحدث الأكبر فبالإجماع ولكن فيما يتعلق بالحكم وهو الاشتراط فإنه يحتاج لدليل واضح وصريح وجمهور العلماء اشترطوا الطهارة من الحدث الأصغر لصحة الطواف وأخذوا بمجموعة من النصوص ليس فيها إلا مجرد الفعل وأحاديث لم تثبت وهدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم وفعله دليل على التأكيد والاستحباب أما الإيجاب وجعله شرطا فهذا يحتاج إلى حجة واضحة ولهذا ذهب بعض العلماء وهو مذهب الإمام أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ واختيار شيخ الإسلام وأفتى به عدد من العلماء المحققين منهم شيخنا العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ أن الطهارة متأكدة ولكنها ليست شرطا وهو القول الذي تطمئن له النفس ويتفق مع التيسير ومع سماحة الشريعة ولكن ليس هذا مدعاة أن يتساهل الإنسان فالأفضل والأكمل كما ذكرت أن يكون الطائف بالبيت على طهارة ولكن إذا اضطر الإنسان خاصة في أيام الزحام الشديد ومع المشاق التي تلحق الناس في المواسم فإيجاب هذا الأمر على الناس دون أن يكون هناك دليل واضح لا يدل عليه دليل لهذا فما تطمئن إليه النفس والأقرب إلى القواعد العامة ومقاصد الشريعة وخصائصها في التيسير ورفع الحرج عن المكلفين ويتفق مع قول الله ـ عز وجل ـ « يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ « أن الطائف إذا أمكن أن يتطهر فهذا الأفضل وإلا فليكمل الطواف ولو لم يكن متطهرا من الحدث الأصغر وقد اعتمر مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية عدد كبير ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يلزم من معه أن يكونوا على طهارة ولم ينقل إلا مجرد الفعل وهو لا يدل على الوجوب وهذا ما تطمئن له النفس.

لو كان الوضوء شرطا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم

ويقول الأستاذ الدكتور بندر بن فهد السويلم ـ عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء ـ: جاءت أحاديث في فضل الطهارة والثواب عليها والطهارة شرط من شروط الصلاة أما الطواف بالبيت فقد حصل فيه خلاف بين أهل العلم. ومدار الخلاف على الحديث الذي رواه ابن عباس (الطواف بالبيت صلاة غير أنكم تتكلمون فيه) وهل هو مرفوع أو موقوف. ودلالة الحديث أن الطواف يبطل بانتقاض الوضوء كالصلاة.

ولقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة: (افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت).

والذي ينبغي للمسلم أن يحتاط في عباداته ومنها الطواف فيحرص على الطواف طاهرا. وعليه أن يستمر في طهارته فهو أفضل وأكمل؛ فإن أحدث ووجدت المشقة في الوضوء كالزحام الشديد وعدم قرب الماء وصعوبة الدخول والخروج وما يتبع ذلك من أذى ومضايقة للطائفين والحجاج والعمار فلعل الأخذ بالقول الآخر في المسألة هو الراجح.

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية: «والذين أوجبوا الوضوء للطواف ليس معهم حجة أصلاً ؛ فإنه لم يَنقل أحدٌ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم لا بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه أمر بالوضوء للطواف، مع العلم بأنه قد حج معه خلائق عظيمة، وقد اعتمر عمَراً متعددة والناس يعتمرون معه فلو كان الوضوء فرضاً للطواف لبيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم بياناً عامّاً، ولو بيَّنه لنَقل ذلك المسلمون عنه ولم يهملوه، ولكن ثبت في الصحيح أنه لما طاف توضأ، وهذا وحده لا يدل على الوجوب ؛ فإنه قد كان يتوضأ لكل صلاة، وقد قال: «إني كرهتُ أن أذكر الله إلا على طهر)..اهـ. الفتاوى 273/‏21

أما المرأة الحائض فإنما منعت من الطواف لأجل المسجد كما تمنع من الاعتكاف لأجل المسجد. لأن الله أمر بتطهيره. فقد قال الله تعالى: (وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود) وإذا طافت وهي حائض فقد عصت بدخول المسجد مع الحيض. لا لأن طهارتها للطواف كطهارتها للصلاة ؛ نقله ابن تيمية في الفتاوى 280/‏21.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة