Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

لماذا تريد قطر إحراق حركة حماس؟

ولا تُعلَّق آمال كبيرة على نجاح جهود المصالحة المصرية التي تواصلت لسنين عديدة وأدت بالفعل الى اتفاقيات سابقة فيما بين حماس وفتح لم تتمكن الحركتان من تحقيقها على الأرض والمحافظة عليها بل تفجر الخلاف من جديد وتتواصل معاناة الفلسطيني نتيجة خلاف قادته وأنانيتهم.

A A
أعلن في القاهرة الشهر الماضي عن مبادرة مصرية أخرى لإعادة اللحمة الفلسطينية الى سابق عهدها ما قبل انفجار الخلاف بين فتح وحماس عام 2006م بشكل دموي بشع والذي تولت بعده حركة حماس إدارة شؤون غزة ومنع السلطة الوطنية منها. إذ أعلنت حركة حماس في بيان صحفي لها الشهر الماضي (يوم 19 يوليو) أن رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية أبلغ المخابرات المصرية موافقة الحركة رسمياً على الورقة المصرية التي استهدفت إحياء المصالحة الفلسطينية. ولا تُعلَّق آمال كبيرة على نجاح جهود المصالحة المصرية التي تواصلت لسنين عديدة وأدت بالفعل الى اتفاقيات سابقة فيما بين حماس وفتح لم تتمكن الحركتان من تحقيقها على الأرض والمحافظة عليها بل تفجر الخلاف من جديد وتتواصل معاناة الفلسطيني نتيجة خلاف قادته وأنانيتهم.

ومن الأسباب الرئيسية لفشل محاولات التوافق بين الأطراف الفلسطينية رغبة حماس والجماعات المسلحة المتحالفة معها عدم التخلي عن سلاحها الخاص أو دمج مسلحيها ضمن إطار الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية. إذ إن عدم الثقة فيما بين حماس وباقي الفصائل المنضوية تحت لواء السلطة الفلسطينية لازال قائماً، وفشلت محاولات عدة لبناء الثقة نظراً لتعدد المصالح والحركات في غزة والتي ترى أن إعادة غزة الى كنف (الدولة) الفلسطينية سيلغي كياناتها، بينما ترى السلطة الفلسطينية أن إبقاء حماس على سلاحها لن يكون سوى السماح بإقامة كيان مماثل لما يحدث في لبنان بإبقاء حزب الله هناك على سلاحه وهيمنته على القرار اللبناني.

وبالإضافة إلى ذلك فإن الضعف الفلسطيني الذي حرص الإسرائيليون على إبقائه كذلك يؤدي إلى حاجة أفراد وحركات متعددة لدعم خارجي تتولاه أجهزة المخابرات الأجنبية بما فيها الإسرائيلية فيصبح من الصعب التفريق بين المواقف الوطنية والمواقف النابعة من إملاءات أجنبية. وإذا كانت الضفة الغربية أقل تأثراً الى حد ما بتدخلات أجهزة المخابرات الأجنبية نظراً لتواجد السلطة الفلسطينية فيها وتوفير موارد مالية لها أفضل من المتوفر في غزة فإن القطاع رفع شعار الممانعة بشكل يتيح له ولداعميه كسب شعبية جماهيرية بصرف النظر عن سلامة المواقف التي يتطلبها الشعار من عدمها وما إذا كانت تخدم المصالح الفلسطينية أم مصالح تفرضها أجهزة مخابرات مختلفة تتلاقى في إستراتيجيتها حتى وإن اختلفت أهدافها. وتشعر حركة الإخوان المسلمين التي تنسب حركة حماس اليها بأن مواقف الممانعة ستضعها وحماس في موضع تفاوضي يتيح لها الحصول على مكاسب عندما يحين موعد التفاوض مع إسرائيل، الأمر الذي جعل أهل غزة ضحايا للآلة العدوانية الإسرائيلية العسكرية بشكل مأساوي ومتكرر.

وسعت قطر خلال الشهر الماضي الى تخريب أي جهود فلسطينية تصالحية بالإعلان عن وساطتها فيما بين إسرائيل وحماس. وقال محمد العمادي رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة عبر عدة تصريحات بما فيها في لقاء مع قناة (الجزيرة) باللغة الإنجليزية أن حماس وإسرائيل تستعدان لهدنة تمتد ما بين خمس وعشر سنوات، وأنه شخصياً يتولى بحثها مع حركة حماس. قائلاً إن (حماس) لا تثق بمصر (نفت حركة حماس ما قاله وأكدت ثقتها بمصر) وأكد أن حماس وإسرائيل اتفقتا على ما وصفه مواجهة عسكرية منخفضة الكثافة في غزة بحيث يتجنب كل منهما أن يقتل أي فرد من الطرف الآخر. وأضاف إلى ذلك أنه اتفق مع الإسرائيليين على عدم استهداف المشاريع التي تقيمها قطر في غزة خلال ضربها القطاع. وقد أثارت هذه التصريحات الاستفزازية لممثل قطر في غزة استنكاراً واسعاً داخل غزة وأنكرتها قيادة حماس بقوة.

مشكلة القيادات الفلسطينية أنها تسعى لتجاهل وضع الإنسان الفلسطيني وتصر على تحقيق مكاسب صغيرة وأحياناً شخصية مقابل مواصلة المعاناة الفلسطينية. وهي تعرف أن الكيان الإسرائيلي هو كيان طارئ ولكنها -أي القيادات الفلسطينية الحالية- ليس بإمكانها مواجهته في الوقت الحاضر. وفي نفس الوقت ترفض القبول بأن دورها تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني وإعداده اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً بحيث يتمكن من مواجهة مصاعب الحياة اليومية وتوفير الفرص لنمو الاقتصاد والإنسان الفلسطيني على أمل أن لا يطول أمد تحقيق آماله.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store