* أكتب اليوم -أخيرًا- من جدة، بعد شهرين من الغياب عنها، فالحمد لله على لقياكم فيها مجدداً، وشكرًا لكل من سأل واطمأن.
* حديثي اليوم مقتضب عن لفتاتٍ من البدايات.. لأن الفترة القادمة كلها بدايات.. الحج بداية.. ويوم عرفة بداية.. والعيد البهيج بداية.. وللدراسة بداية.. ويوم الوطن الغالي بداية. وأنا -كما ذكرت سابقاً- أحب البدايات في كل شيء، وأحمل قناعة عميقة، بأن البدايات لها تأثير كبير على سير بقية الحدث. فالذي يبدأ بالشكل الصحيح، سيكون استمراره هكذا انسيابيًّا وسهلاً، وبالتالي سيكون أكثر استطاعةً على تحقيق نهاية مشرقة.
* لله دُرٌّ الحج ما أبهاه من بداية.. يخرج المرء منه، نظيفاً من كل خطاياه، كطفلٍ أبصر النور لتوه، بادئاً -وبحق- حياةً جديدة.. فهنيئاً لضيوف الرحمن..
* وهنيئًا لنا جميعاً بيوم عرفة.. يوم الغفران.. يوم الاستجابة.. أعدوا قائمة الرغبات -أيها الأعزاء- وجهزوا دعواتكم لهذا اليوم. هكذا أفعل كل عام، ووالله إنني لأَجِد القوائم والأمنيات قد تحققت قبل نهاية العام الذي يليه.. وترسخ هذا اليقين لدي من آثار عديدة، وتجارب مديدة، والله عند حسن ظن العبد به، أينما دعا ووقتما دعا، ولكن الظرف الزماني الخاص أحرى وأيقن لمن يحرص على الإجابة. يقول ابن عبدالبر في التمهيد: «ودعاء يوم عرفة مجاب كله في الأغلب»، ويقول أحد الصالحين: «والله ما دعوت دعوة يوم عرفة وما دار عليها الحول إلا رأيتها مثل فلق الصبح».
* ثمّ قريبا تبدأ الدراسة والدوامات، ووصيتي لهذه البداية، أن تجاهد نفسك لتتحكم بزمام شعورك، فلا تكن أسيراً لمزاجك، ولا تنتظر أن يأتيك المزاج المناسب للإنتاج أو للمذاكرة، فقد لا يأتي أبداً.. بل قاوم لحظة الكسل ليتحسّن مزاجك بالإنجاز.. فألم العلم والعمل ساعة، وألم عدمهما يستمر مدى الحياة!
* أما في العام الهجري الجديد، فقد اتخذت قرارًا جادًا بأن أكون في حالة روقان في معظم الأحوال، حيث مررت عابراً على دراسة وجدت تغيراً ملحوظاً في شكل الخلايا العصبية بعد تعرض الحيوان لضغط مستمر! فما بالك على البشر؟ ومن المسلّم به علمياً أن الضغوطات الدائمة تقلل مناعة الإنسان، فلذلك اجعلوا أحد قراراتكم في عام ١٤٤٠هـ أن تكونوا في حالة هدوء وسكينة و»روقان» قدر المستطاع، واكبحوا انفعالاتكم على الدوام. أسعد الله قلوبكم وكل عام وأنتم بخير.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
