Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

قطوف عن تكرار الحج ومواقف العلماء السلف

شذرات

A A
نبارك لكل من مكّنه الله من أداء فريضة الحج ونسأل الله لهم القبول. هناك أقوال عديدة فيما يتعلق بإنفاق المال في النافلة من العبادات (بعد أداء الفروض)، ومن هؤلاء أبو حامد الغزالي الذي رأى منع إنفاق المال في النافلة ودعا إلى إنفاقه على الفقراء ويقول (ربما يحرصون على إنفاق المال في الحج فيحجون مرة بعد أخرى وربما تركوا جيرانهم جياعاً. والبعض يستشهد بقصة الرجل الذي جاء يودع بشر بن الحارث المشهود له بزهده وفضله، فقال الرجل: عزمت على الحج فتأمرني بشيء؟ فقال بشر: كم أعددت للنفقة؟، فقال الرجل: ألفي درهم، فقال بشر: بأي شيء تبتغي بحجك؟ أزهداً أو اشتياقا إلى البيت أو ابتغاء مرضاة الله؟ فقال الرجل: ابتغاء مرضاة الله.. قال بشر: فإن أصبت مرضاة الله وأنت في منزلك وتنفق الألفي درهم، وتكون على يقين من مرضاة الله أتفعل ذلك؟ قال الرجل: نعم! قال بشر: اذهب فأعطها عشرة أنفس: مديون يقضي دينه، وفقير يلم شعثه، ومعيل يغني عياله، ومربي يتيم يفرحه، وإن قوى قلبك تعطيها واحداً فافعل، فإن إدخال السرور على قلب المسلم وإغاثة اللهفان وكشف الضر وإعانة الضعيف أفضل من مائة حجة بعد حجة الإسلام.. الخ القصة.

دروس ومواعظ عديدة نستقيها مما ذكر آنفاً، فهل نعي هذه المعاني السامية وهل نرتقي بأنفسنا إلى مراتب الفهم العميق للبر والإحسان، أم نظل نبحث عن مظاهر الخمس نجوم في رحلاتنا حتى في العمرة والحج وغيرها، وفي وسعنا أن نستقطع هذه الأموال لتفريج كربات عديدة يعرفها بعضنا وتعرفها جمعيات البر والباحثون الاجتماعيون وتنتظر المبادرات من أصحاب الهمم العالية. إن مفهوم الاستطاعة للحج يقصد به حجة الفريضة وليس معناها بأن كل من استطاع الحج فليحج. هناك أمور أخرى غير منظورة ولها بُعد إنساني وهي الثواب الكبير الذي سيناله الفرد عن تخليه عن الحج لإعطاء مكانه لغيره لا سيما أولئك القادمين من أقصى المعمورة.

لا زلت أتذكر السيد الوالد -متَّعه الله بالجنة- وهو يحث من حوله في مكة بالصلاة في غير المسجد الحرام لعدم مزاحمة الآخرين وكان يطلب تأجيل عمرة رمضان إلى شوال وهو يردد وتأكد أن رب العالمين سيمنحك نفس الأجر إن عقدت النيّة على ذلك. جعلنا الله وإياكم ممن يقولون القول فيتبعون أحسنه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store