Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أيمن بدر كريّم

أطباء مُستقيلون!

وأشيـرُ إلـى دراسة استقصائية (عام 2012) في نشرة تابعة للمجلّة العلمية الأمريكية (NEJM)، أظهرت أن واحداً من بين كل (3) أطباء يعتزمون التقاعد أو الاستقالة خلال عشرة أعوام، لأسباب منها: اختلال الصورة المِثالية للخدمة الطبية، والوقوع في فخّ ما يسمّى "بالإصلاحات الصحية"، والتدخّل السّافر للإدارات الطبـّية والتأميـن الصحّي في حِرفية الطبيب وعلاقته مع مريضه، فضلاً عن تعرّض الطبيب إلـى "الاحتراق الوظيفي" في عمْر مُبكّرة، نتيجة الضغوطات المهْنية وسوء التقدير المُجتمعي وضعف العائد الـمادي

A A
كتبتُ تغريدةً في «تويتـر» هذا نصُّها: «دراسة الطبّ والعمل كطبيب سعودي في المجتمع السعودي، لم يعد مُجدياً اقتصادياً ولا معنوياً على الصّعيد الشّخصي، وقرار دراسة الطب يحتاج في هذا الزمن إلى مراجعاتٍ كثيرة قبل الإقدام عليه، فالرغبة والحماس غير كافيين .. البيئة الإدارية والمهنية غير مُشجعة إطلاقا».

انطباعي تبلور نتيجة تجارب ومُطالعات وتأمُّلات وقراءات وخبـْرات مُختلفة، فضلاً عن تواتر أخبار الاضطرابات النفسية والاجتماعية والسلوكية والمشكلات الإدارية التي يغصّ بها المجال الطبي المهني، ومدى تعقّد البيئة الصّحية وقصور أنظمتها التي تحفظ للطبيب كرامته ومُقدّراته، وتؤمّن مُستقبله التقاعدي، بعد سنواتٍ طويلة من دراسةٍ مُرهقة وتدريبٍ شاقٍ بتقييماتٍ شهرية ودوْرية واختباراتٍ سنوية، وعملٍ مَشوب بالخُطورة الصحية والنفسية، مع غياب الحماية المُعتبرة ضد الأخطاء الطبية، والاضطرار للقبول بكادرٍ صحّي لا يكفي الحاجة المادية المُتزايدة، فضلاً عن الأخبار المشوّهة التي تنشرها عنه كثيرٌ من وسائل الإعلام.

وأشيـرُ إلـى دراسة استقصائية (عام 2012) في نشرة تابعة للمجلّة العلمية الأمريكية (NEJM)، أظهرت أن واحداً من بين كل (3) أطباء يعتزمون التقاعد أو الاستقالة خلال عشرة أعوام، لأسباب منها: اختلال الصورة المِثالية للخدمة الطبية، والوقوع في فخّ ما يسمّى «بالإصلاحات الصحية»، والتدخّل السّافر للإدارات الطبـّية والتأميـن الصحّي في حِرفية الطبيب وعلاقته مع مريضه، فضلاً عن تعرّض الطبيب إلـى «الاحتراق الوظيفي» في عمْر مُبكّرة، نتيجة الضغوطات المهْنية وسوء التقدير المُجتمعي وضعف العائد المادي. الجدير بالذكر، أنّ (97%) من الأطباء الذين قرّروا ترك مِهْنة الطب خلال سنة واحدة، لا تتجاوز أعمارهم (55 عاماً)، نتيجة استيائهم الكبير، بالرغم من قِصَر عدد سنوات مُمارستهم المهْنية بعد تدريبهم الطويل.

ومن الـمُخجل أن يتهافت كثيـرٌ من الأطباء الاستشاريين السعوديين في بداية مشوارهم المهني، على مناصب إدارية وأكاديمية، لتقليص مسؤولياتهم الطبية المُباشِرة، تجنُّباً لصداع المهْنة، والتمتّع بوجاهةِ المنصب ومُكتسباتِه الإدارية والمالية والاجتماعية، في صورة توضّح عدم جدوى ممارستهم الطب في بيئة عملٍ مُتوترة طاردة.

ومع ازدياد أعداد كُلّيات الطبّ الخاصة والحكومية خلال السّنوات الـماضية، وتخرّج أعدادٍ مُتزايدة سنوياً من طلاب الطب، واستمرار استقطاب أطباء غير سعوديين بمؤهلات مُتواضعة وتدريبٍ ركيك من خارج المملكة بأعداد كبيرة، إضافة إلى وضع عراقيل تنظيمية في طريق الأطباء السّعودييـن المتخرّجين حديثاً، وفي ظلّ قلة المُستشفيات التي توفر تدريباً مُعتبراً لهم، مـما زاد من بِطالتهم، فضلاً عن ضبابية مستقبل الأطباء السّعوديين وعدم وضوح أنظمة «الخصخصة».. أدعوكم لإعادة قراءة التغريدة في أول المقال.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store