Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

خدمة الحجاج شرف تتوارثه الأجيال

وقد عُرف عن سكان الحرمين منذ فجر الإسلام حبهم لخدمة الحاج وحرصهم عليها. ورغم تغير الأزمان، ورغم امتهان الكثير منهم في العصر الحديث لمهنٍ علمية وفنية رفيعة طوال العام، إذ منهم الطبيب والمهندس والمعلم والأستاذ الجامعي، إلا أنك تجدهم جميعاً في فترة الحج وقد شمَّر كل منهم عن ساعديه وأدلى بدلوه في ميدان الشرف العظيم وميدان خدمة الحاج.

A A
انتهى موسم حج هذا العام 1439هـ دون أن تكون هناك حوادث ولا إصابات بين الحجاج ولله الحمد. ومن المعلوم للجميع أنه ما إن يحل موسم الحج حتى تصبح جميع المرافق العامة والخاصة في بلادنا في حالة تأهب حتى يتم لضيوف الرحمن قضاء نسكهم وعودتهم سالمين غانمين إلى ديارهم، وما ذلكم إلا لحرص المملكة العربية السعودية ملكاً وحكومة وشعباً على الوفاء بعهدها في خدمة الحاج ورعايته والسهر على راحته طالما كان بين ظهرانينا.

ولقب «خادم الحرمين الشريفين» يتشرَّف بحمله ملوك هذه البلاد ملكاً بعد آخر، وصولاً إلى عهد الملك سلمان بن عبد العزيز أيده الله بنصره وتوفيقه، فإن يكن قائد هذه البلاد -يحفظه الله- يتشرف بخدمة الحرمين وضيوف الرحمن، فإن رعيته لتقتدي به في هذا الشرف وفي هذه الخدمة، وهو ما ظهر في حج هذا العام وكل عام، ولله الحمد.

وقد عُرف عن سكان الحرمين منذ فجر الإسلام حبهم لخدمة الحاج وحرصهم عليها. ورغم تغير الأزمان، ورغم امتهان الكثير منهم في العصر الحديث لمهنٍ علمية وفنية رفيعة طوال العام، إذ منهم الطبيب والمهندس والمعلم والأستاذ الجامعي، إلا أنك تجدهم جميعاً في فترة الحج وقد شمَّر كل منهم عن ساعديه وأدلى بدلوه في ميدان الشرف العظيم وميدان خدمة الحاج.

ومن الحقائق اللافتة أن الكثير من أهل الحرمين قد يكون في أوضاع مادية مريحة وليسوا في حاجة إلى أموال تدرها عليهم خدمات الحج المختلفة، ولكنهم مع ذلك يحرصون على أن لا يفوتهم ذلك الشرف، وحين تسأل الواحد منهم ممن يعمل في الطوافة أو السقاية أو سواها عن سبب إصراره على خدمة الحاج تجد عنده جواباً شافياً، إذ يُحدِّثك أول ما يُحدِّثك عن الأجر العظيم الذي يرتجيه عند رب الحجيج، كما يُحدِّثك عن تراث الآباء والأجداد، وعن تأريخ البلدين الكريمين وسكانهما، ومسيرة مئات السنين في خدمة الحاج ورعايته.

وكما حدَّثني بعض الإخوة العاملين في قطاعات مختلفة من قطاعات خدمة الحجيج أن الواحد منهم في كل عام يفكر في ترك عمل الحج، إما لانشغال بأعمال أخرى كثيرة أو لكبر سنه أو لتعبه ومرضه، ويكاد يعزم على ذلك في بعض السنين، ولكن ما إن يقترب شهر ذي القعدة حتى يحس بدافع داخلي في نفسه يستنهض همّته ويحثه على المضي قدماً في عمل دأب عليه آباؤه وأجداده، وعمل فيه منذ نعومة أظفاره فيعود إلى عمله مهما كانت طبيعته، وقد نسي كل المشقة والتعب اللذين واجههما في سنة ماضية.

وقد اضطلعت حكومة المملكة العربية السعودية بهذا الشرف وهذه الخدمة منذ تأسيسها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن يرحمه الله مروراً بعهود أبنائه: سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله رحمهم الله، ووصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله.

فتجد كل أجهزة الدولة ووزاراتها المختلفة مجندة في هذا الموسم المبارك العظيم لخدمة ضيوف الرحمن، وترى لكل وزارة أو جهة حكومية خدمات خاصة بالحج إضافة إلى مهامها الرئيسية الاعتيادية التي تقوم بها طوال العام.

وعليه فإن خدمة الحاج مهمة مشرِّفة للمملكة العربية السعودية ملكاً وحكومة وشعباً، وهو شرف تتوارثه الأجيال دون انقطاع جيلاً بعد جيل، ومع التراكم المعرفي، فإن الخبرة تزداد عمقاً كل عام ولله الحمد، فترى هذه الخدمات الكبيرة في تحسن وتطور دائمين، وليس التطور والتحسن بفعل تراكم المعرفة وازدياد الخبرة فحسب بل بفضل توفيق الله لأهل هذه البلاد في هذه الخدمة الجليلة المباركة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store