Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ويكيليكس.. الإعصار القادم!

جاءت تسريبات “ويكيليكس” لتهدد بقطع “شعرة معاوية”، التي كانت تصل علاقات أغلب دول العالم بالولايات المتحدة الأمريكية، ولتسفر عن مواقف دول تجاه دول أخرى كانت يومًا -ما- في السر، فأصبحت في العلن، وكل ذ

A A

جاءت تسريبات “ويكيليكس” لتهدد بقطع “شعرة معاوية”، التي كانت تصل علاقات أغلب دول العالم بالولايات المتحدة الأمريكية، ولتسفر عن مواقف دول تجاه دول أخرى كانت يومًا -ما- في السر، فأصبحت في العلن، وكل ذلك موثق عبر برقيات دبلوماسية أمريكية سربها الأسترالي (جوليان أسانج)، الذي تدرس وزارة العدل الأمريكية مقاضاته بتهمة التجسس.ومن الغريب جدًا أن تقلل واشنطن من تأثير تلك الوثائق على علاقاتها مع الدول التي ورد ذكرها، وأن تعتبر مضمونها ليس فائق السرية(!).. وهي تحوي تقليلًا من مكانة بعض الزعماء، وحكمًا على بعضهم بالغباء السياسي، ووجهات نظر سرية حول رؤية زعيم لزعيم آخر، ومخاوف دولة من دولة أخرى. ألا يثير ذلك جدلًا حول الخطوط العريضة للسياسة الأمريكية ويظهر حقيقة توجهاتها؟!ولا أعتقد أن العرب الذين يعدون أبرز الحاضرين في وثائق “ويكيليكس” سوف يتضررون أو حتى يلقون بالًا لهذه التسريبات، لأن كل ما جاء فيها من مواقف سياسية لم تكن خافية بل معلنة، فالمواقف تجاه إسرائيل، وكذلك الشأن تجاه إيران فيما يختص بالمفاعل النووي لا تحتاج إلى أن يدسوا رؤوسهم كالنعام، فالعرب، وخصوصًا الخليجيين، واضحون جدًا في تعاملاتهم مع مجمل التحديات التي تواجههم، ويتعاملون معها بكل شفافية، ولا يحتاجون إلى سفراء أو معاونين في وزارة الخارجية الأمريكية يقرأون أفكارهم أو توجهاتهم.وفي المقابل.. يخطئ كل من يرى أن هذه التسريبات لن تثير جدلًا حول قضايا سياسية مصيرية، مثلما فعلت تسريبات (بنتاغون بيبرز) حول حرب فيتنام كما رأى الصحافي المخضرم “وود ورد” فالمسألة لا تتعلق بالخطوط العريضة المعلنة للسياسة الخارجية الأمريكية كملاحقة الإرهابيين، ومنع انتشار الأسلحة النووية، ولكنها وصلت إلى انتقاد بعض الحكومات وفضح أسرار بعضها الآخر، ونشر غيوم في فضاء علاقات الأشقاء، وزيادة توتير العلاقة بين الدول ذات العلاقة الشائكة، ودفعها إلى التصادم. ففضيحة “ووتر غيت” لم تضر سوى رئيس الولايات المتحدة آنذاك الذي سارع إلى تقديم استقالته، لكن تسريب وثائق “ويكيليكس” ستكون لها آثار لا تنتهي باستقالة أحد. وقد تعيد أجواء الحرب الباردة بين الشرق وبين الغرب إذا ما توالت التسريبات، وكشفت عن مسائل تتصل بالأسرار العسكرية، لا سيما أن الشرارة الأولى انطلقت بعدما حملت التسريبات اتهامات موجهة للقيادة الروسية حول علاقة لها بعالم الإجرام، وأخرى وصفت نظام الحكم في روسيا بأنه نظام ديكتاتوري (كليبنوقراطي) يسيطر عليه رئيس الوزراء فلاديمير بوتين! والتسريبات ستتوالى، وما خفي كان أعظم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store