Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

قراصنة السايبر

وإذا كانت بعض الدول والشركات التي تضرَّرت من قراصنة السايبر تسعى لحماية نفسها منهم باستخدام قراصنة آخرين يحمون أجهزتها، فإن الفرد والمجتمع تحميه القوانين والأنظمة، والتي تفتقر إليها كثير من المجتمعات في الوقت الحالي

A A
المعلومات المضللة تكتسب انتشارا واسعا خلال وسائل التواصل الاجتماعي، إذ هناك أعداد هائلة من الأفراد (وأحيانا مؤسسات) تُجنِّد نفسها لخدمة المعلومة الخاطئة، وترديدها وتكرار بثها، بحيث تتحول المعلومة المضللة إلى حقيقة في عقول متلقِّيها. وبالطبع هناك معلومات دقيقة وصحيحة تُبث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن المعلومة غير الصحيحة أصبحت لها مكانة بارزة في وسائل التواصل الاجتماعي، ومن الصعب دحضها، خاصة أن المعلومات المضللة أصبحت أكثر جذبا وتكرارا من المعلومات الصحيحة. وهناك أشخاص امتهنوا بث المعلومات المضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة وأن المحاسبة تكاد تكون معدومة، بينما يجد المتلقي نفسه في حيرة من أن تكون المعلومة صحيحة أم غير صحيحة. ويستغل بعض ضعاف النفوس التقنيات الحديثة التي تسهل عملية التلاعب في الفيديوهات والصور لتشويه صورة من شاؤوا تشويه صورته، اعتقادا منهم أنه سيكون من غير الممكن اكتشافهم من قبل السلطات أو محاسبتهم باستخدامهم أسماء مستعارة.

المجتمعات، عندنا وعند غيرنا، تفتقر إلى الأنظمة الكافية والقوانين الرادعة لوقف زحف الأكاذيب والتلفيق والأذى الذي يُمارسه هواة وسائل التواصل الاجتماعي، وهي قوانين مطلوبة لتحديد ما هو الخاص، الذي يمنع التصرف حوله، والعام الذي يمكن لهاوي وسائل التواصل الاجتماعي استخدامه وبثه عبر هذه الوسائل. علما بأن انتشار الإنترنت أدى الى تطور وسائل التلفيق والنصب بحيث أدى إلى ظهور مرتزقة يستخدمون التكنولوجيا المتاحة لتخريب الأجهزة المستهدفة، وسرقة المعلومات الموجودة عليها، أكانت معلومات شخصية أو خاصة بشركة أو مصنع أو بنك أو مؤسسة حكومية. ويتيح الإنترنت وصول من أطلق عليهم مسمى (مرتزقة السايبر) إلى أي جهاز كمبيوتر أو تليفون شخصي في أي مكان من العالم، وكثيرا ما يقوم بعض هؤلاء المرتزقة بحجب دخولك إلى أجهزة الكمبيوتر الخاصة بك، وخاصة الشركات، ويُرسلون رسالة يطلبون فيها دفع فدية (مبلغ مالي) مقابل رفع الحجب، وإعادة المعلومات الى أجهزتك. وتطورت تكنولوجيا التخريب هذه بحيث أصبح بالإمكان استخدامها في الحروب بين الدول عبر التسلل إلى شبكات الكهرباء والمياه ووسائل الدفاع وغير ذلك (اشتهر الإسرائيليون بأن لديهم أفضل تكنولوجيا في هذا المجال، وأنشأت فيها أكثر من ثلاثمائة شركة متخصصة في السايبر).

وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون أداة مهمة لنشر الوعي والثقافة والقيم، لكن توفرها لكل فرد بدون تقنين جعل منها أداة أيضاً للإفساد، وما لم توجد القوانين التي تُطبِّق وتُنظِّم عملية استخدام هذه التكنولوجيا، فإن أضرارها ستكون واسعة. وإذا كانت بعض الدول والشركات التي تضرَّرت من قراصنة السايبر تسعى لحماية نفسها منهم باستخدام قراصنة آخرين يحمون أجهزتها، فإن الفرد والمجتمع تحميه القوانين والأنظمة، والتي تفتقر إليها كثير من المجتمعات في الوقت الحالي، مع أن الإنترنت تطوّر استخدامه خلال التسعينيات الميلادية، إلا أنه انتشر حول العالم بأسرع مما أمكن الأنظمة والتشريعات مجاراته، علما بأن انتشار الإنترنت ليس كاملا في العالم، حيث لازال حوالي أربعة مليار شخص، أي نصف سكان العالم معظمهم في الدول النامية، لا يمكنهم الاتصال بشبكة الإنترنت، لكن هذا لا يمنع من تطور التكنولوجيا بشكلٍ سريع لدخول ما أصبح يُطلق عليه (الثورة الصناعية الرابعة)، حيث ستكون الآلة ناطقة ومفكرة وفاعلة، وعلى العالم الاستعداد من الآن لاستخدامها بحيث تفيد ولا تسبب الأضرار.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store