Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. ياسين عبدالرحمن الجفري

الاندماج والاحتكار

A A
لاشك أن حدوث الاندماج بين شركتين، يفرض حدوث نفع لكليهما من خلال دمج الأنشطة وتخفيض التكلفة والاستفادة من الحجم الكبير في الأسواق وتوسُّعها وزيادة فرص الشركة في البقاء. فالهدف من الاندماج: إحداث تأثيرات إيجابية للجسد الجديد الناجم عن الاندماج، وفِي نفس الوقت تَحسُّن ربحية الشركة. وعادةً ما تكون الشركة المدمجة، أكثر قوة وقدرة، يُساعدها في ذلك حجمها. وعادةً ما يكون الاندماج رأسي، إما باتجاه السوق، أو باتجاه منبع المواد الخام مثل: (استحواذ أرامكو على سابك). أو أُفقي يدعم الحجم الكبير مثل: (اندماج الصحراء وسبكيم أو شركات التأمين). وعادةً ما تُشجِّع السلطات الرسمية مثل هذا التوجه، لما له من فائدة ونفع على المستوى الاقتصادي الكلي، وعلى القيمة المضافة، فالهدف تكوين شركة أقوى وأكثر قُدرة على البقاء والمنافسة، مما يعكس أبعاداً إيجابية خاصةً في عالمنا الحالي، حيثُ يهمّنا القُدرة على المنافسة، والتوسُّع في الأسواق العالمية. ولو نظرنا نظرة شاملة -بدون استثناء- نجد أن الشركات العالمية حجمها عادةً ما يكون ضخماً في كل الأبعاد، حتى في الدول الناشئة.

ولكن البُعد الوحيد الذي يجعلنا نتخوَّف من الاندماج، هو الاحتكار، وانعدام المنافسة بين الشركات، مما يُؤثِّر سلباً على الاقتصاد، وخاصةً المستهلك الذي لا يجد أمامه أي خيار، ويُفرض عليه السعر، ولا مناص أمامه سوى الإذعان. لاشك أن حلها على مستوى الدول أمرٌ هيِّن، حيث تستطيع الدولة ضمان عدم الاحتكار من خلال سلطات أنشئت لهذا الغرض جهات رسمية لمنع الاحتكار مثل: مجلس المنافسة في السعودية. ولكن القضية أعقد عندما تكون على المستوى العالمي، حيث تكون هناك مصلحة للدولة وللاقتصاد المحلي من وجود مثل هذا العملاق عالمياً لدعم الاقتصاد المحلي، والاستفادة من وجوده مقارنة بعدم وجوده، حيث يضمن للاقتصاد المحلي حصصاً كبيرة ودخل لا يُستهان به.

وتبقى بالتالي المفاضلة هنا بين التكلفة (على المستهلك المحلي والاقتصاد المحلي) والمنفعة الناجمة من السيطرة والانتفاع من الأسواق العالمية. وتجد بعض دول العالم المتقدِّم تحاول السيطرة على التسعير للسوق المحلي، أمام وجود منفعة كبرى من السوق العالمي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store