Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد الثبيتي

الأمن الوطني.. خطٌ أحمر

A A
واجه ولا يزال أمننا الوطني واحدة من أشرس الحروب المُستهدِفة زعزعته وإثارة الرأي العام تجاهه جرّاء قيام التنظيمات الإرهابية التي تهدأ ولا تموت بعملياتها المُبرمجة وفقًا للخطط والاستراتيجيات المرسومة لها من قبل أرباب هذا الفكر الذي لا يعرف سوى العنف في تنفيذ أجندته بغض النظر عن تداعياتها وانعكاساتها السلبية على المجتمع، والمؤلم في هذا الأمر أن الأدوات المُستخدَمة للقيام بهذه السلوكيات الشاذة هم بعض من أبناء الوطن الذين تشربوا هذه الأفكار الظلامية وآمنوا بوجاهتها في لحظة وهن عقلي، حيث قام أسيادهم بتغذيتها عن طريق تعظيم شعيرة الجهاد دون تبيان الشروط المُقيِّدة لها، ونأوا هم -أي أسيادهم- مع أبنائهم بمعزلٍ عن الولوج في غياهب الموت واقتصروا على التجييش الوعظي مُستخدمين في ذلك وسائل التواصل الحديثة للوصول لأكبر شريحة ممكنة من العقول اليافعة والمتحمسة للشهادة في ميدان العزة والكرامة المزعوم؛ الأمر الذي يجعلنا قبل أن نُحاكِم الفاعل الموجَّه علينا البحث عن المُخطِط المُجيّش الذي وظّف قدراته الخطابية ومهاراته التغريرية للإيقاع بالشباب في مزالق الوهم باستعادة الخلافة الإسلامية والعزف على وتر المؤامرة لقوى الاستعمار وتبعية الحكومات له وتنفيذها لإملاءاته التي لا تتسق مع الفكر الذي يؤمنون به.

لقد تمركزت استراتيجية عمل هذه الفئة على العمل وفقًا لثلاثة محاور تبدأ بالتجرؤ على استباحة دم رجال الأمن باعتبار أن دفاعهم عن وطنهم في نظرهم تواطؤًا مع الباطل ضد الحق الذي يرونه، مرورًا باستهداف مصالح الدول الأجنبية العاملة لدينا وفقًا لمعاهدات دولية واتفاقات ثنائية لخدمة الوطن في مجالات لا نمتلك القدرة على القيام بها حاليًّا، وانتهاءً بتصفية- ما أمكن- للشخصيات المسؤولة إمّا عن بعض القطاعات التي يعتقدون أنها سبب مُباشر في تعطيل مشروعهم الإصلاحي، أو الأفراد المُؤثرين في توجيه الرأي العام وكشف زيفهم وتعرية حقيقتهم التي أوهموا البعض بها في غفلة من الوعي لأهدافها المشؤومة.

لن تكون الخليّة التي أعلنت عنها وزارة الداخلية مؤخرًا هي نهاية المطاف مع هذا الفكر الخارجي، بقدر ماهي حلقة في خلايا تتسم بالهدوء حتى يُخيِّل لها أن الوقت المناسب قد حان لتنفيذ ما تؤمن به؛ بل أرى أن التركيز على اجتثاث وبائها من المهد هو الحل الأمثل، وذلك من خلال تتبع جذور المشكلة والوقوف على من يُخطط ويُموِّل قبل من يُنفِّذ، عندها نستطيع أن نحمي أمننا الوطني من محاولة زعزعته وتهديد استقراره.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store