* خلال الأسبوع الماضي والذي قبله قُمتُ برحلات عدّة بَرّيّة، شملت مناطق ومحافظات، وهناك لَفَت نظري لوحَات تسابقت مجموعة من المؤسسات الحكومية والخاصة على رفعها، وكلها يَدور في فَلَك الدعاء بـ(أُخْتِي قَائدة المركبة رافَقَتكِ السَّـلامة).
* طبعًا كلنا نُردّد هذا الدعاء، متمنين الخير وطريق الأمن والسلامة لأختنا وجَوهَرتنا المصُونَة (حَواء) في كل أحوالها، ولكن ما يُثير الاهتمام أن مثل تلك الدعوات لم يحظَ بها (الرِّجَال) عندما كان قيادة المركبات حصرياً لهم، ولم تقدم لهم كذلك تلك المشروعات والبرامج الداعمة لـ(النساء) كإعلان بعض الجهات الحكومية عن إنشاء مدارس وتنفيذ دورات تدريبية لمنسوباتها في قيادة المَرْكَبَة، وكذا تجهيز الآلاف من المواقف لسياراتهنّ، وأيضًا تقديم طائفة من الشركات الخاصة هـدايا وعروض تخفيضات وتسهيلات لقائدات السيارات!
* وهنا نؤيّد تمامًا حصول المرأة على حقوقها كَافّة، وتمكينها اجتماعيًّا ومعرفيًّا واقتصاديًّا وإداريًّا؛ لِتُساهم في خدمة وطنها وتنميته في شتى المجالات.
* وهذا ما تحقّق خلال السنوات القريبة الماضية -ولله الحَمَد- فالمرأة السعودية قد شَـرُفَ بها مجلس الشورى بنسبة تمثيل وصلت لـ(20%) من أعضائه، والسيدة السعودية اقتحمتْ مجالس الغُـرف التجارية والأندية الأدبية، وكذا المجالس البلدية والعمادات في الجامعات إلى غير ذلك من المناصِـب القيادية، أما الأهمّ فالنساء السعوديات شريكات في صناعة التنمية الوطنية، وحاضرات وبقوة في الميادين العلمية والثقافية والفكرية والاجتماعية داخليًّا وخارجيًّا، ولهنّ الكثير من الابتكارات والمبادرات الرائعة.
* ولكن ما أرجوه أن لا يكون التَّوسع والتسارع في تمكين النساء، ردّةَ فِعْـلٍ لتجاهلهنَّ في الماضي؛ ومن ثم يكون الرّجَال ضحية جديدة؛ يطالهم الظلم وعدم الإنصَاف، وهضم الحقوق؛ مع أنهم كانوا لسنوات طويلة يخدمون المرأة، وكان الكثير منهم بمثابة السائق الخاص لها؛ (وهي تستاهل بالطبع كلّ ذلك).
* ما أخشاه أن يأتي يوم تمارس فيه (بنات حواء) التّسَلط والهيمنة والاستبداد؛ ليحتاج فيه (الذكور) إلى جمعية أو رابطة لحمايتهم والدّفَاع عنهم؛ لذا فلا بد من الإيمان بأن الجِنْسِـيْن هما جَنَاحَا المجتمع، وأنّ التوازن في دعمها مطلب سيحقق الاستقرار والتنمية المستدامة.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
