Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

شيء بين التشدد والاعتدال

شذرات

A A
الصورة الذهنية التي ارتسمت لدى الكثير من الناس عن بعض الفتاوى أو الآراء الفقهية المتشددة لا يمكن أن تُمحى، بدءاً من اللاسلكي مروراً بالراديو والهاتف والتوجس من تعليم المرأة مروراً بالأطباق الفضائية وتحريم الرياضة للنساء أو قيادة السيارة. هناك من حرّم لعبة كرة القدم إلا بشروط كأن يكون عدد الفريق أقل أو أكثر من 11 لمخالفة الكفار!. وهناك من حرّم استخدام الزينة للنساء أو الذهاب لمراكز التجميل النسوي، عدا تحريم لبس الكعب العالي أو إهداء الزهور.

كان هذا الأمر يتردد في بعض المجالس قبل أسبوعين: لا ندري كيف حرمنا من الاحتفاء باليوم الوطني عبر سنوات طويلة بحجة أن البعض يسمونه عيداً، وأمور عديدة يصعب تحديدها في هذا الحيّز الضيّق. على أنه ينبغي أن لا نظلم البعض من بعض الفتاوى بسبب خبث السائل.

لقد كبرت مظلة سد الذرائع والتحريم حتى أدت إلى نتائج غير محمودة، ومن المعلوم لدى النابهين أنه كل ازداد الغلو والتشدد زاد التوجه إلى الانحلال والخروج عن المألوف.

البعض يستحضر ما صرح به سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد في إحدى المناسبات عندما قال: لسنا على استعداد لتضييع ثلاثين سنة أخرى، مشيراً بذلك إلى أن التشدد اختطف الاعتدال. ونظرية سد الذرائع التي تم التوسع فيها عبر عقود لم تترك شيئاً إلاّ شملته، فشقوا على المسلمين وضيقوا واسعاً سامحهم الله.

قبل أيام قليلة تحدث فضيلة الشيخ الدكتور صالح المغامسي في معرض حديثه، عن جواز زيارة القبور للنساء -وإن كنت شخصياً لم أسمع بجوازها من قبل- وأن رسول البشرية الكريم أخبر السيدة عائشة رضي الله عنها عن ماذا تقول عند الزيارة، وليس من العقل أن يخبرها عن شيء منهي عنه، إلا أن هذا الأمر قوبل بهجوم شرس (في وسائل التواصل الاجتماعي) على فضيلة الشيخ والطعن في آرائه الفقهية وحتى في مكانته العلمية، وتبادل المغرِّدون فيما بينهم التهم وخرج بعضهم عن أدب الحوار، في الوقت الذي لم يأتِ الشيخ المغامسي بفتوى جديدة (كما علمت لاحقاً) وكما يقول بعضهم في التعليقات وإنما نقل أقوال العلماء وفتاواهم منذ مئات السنين، وكلهم يستندون فيها على السُّنة النبوية وأشهرها حديث مسلم والترمذي وابن داوود (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكِّر بالآخرة)..وللحديث بقية!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store