Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

عاش الملك: للعلم والوطن

بانوراما

A A
في هذه الأيام ونحن نعيش الحملات الإعلامية التي يشنها الحاقدون والحاسدون على بلاد الحرمين وقيادتها، تذكرت الكثير من المواقف الكاذبة والحاقدة التي تعرضت لها المملكة في السابق، هلك الله أعداءها وبقيت بقوة الله صامدة عصية، لأنها وطن الإسلام وبلد الأمن والأمان والمكان الذي ولد فيه المصطفى عليه السلام، لذلك حبُّها والدفاع عنها من أبنائها يختلف في أسلوبه وقوته عن غيرهم، لأنه متأصل في نفوسهم كامن في قلوبهم. فحين خرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلمَ مُفَارِقاً وطنَهُ مكةَ، وسار مبتعداً عنها، وقفَ بالجُحْفةِ مُستقبلاً ديارَهُ الأولى، بكى حنيناً وشوقاً إلى مكةَ، فأنزلَ الله عليهِ قَوْلَه: (إنَّ الذي فَرَضَ عليكَ القُرآنَ لَرَادُّكَ إلى مَعَادٍ).. أيْ: مُرْجِعُكَ ومُعِيْدُكَ إليها.

هذا الموقفُ النبويُّ، وهذه التَّسْليةُ القرآنيةُ تَقِفُنا على حقيقةِ هذهِ العلاقةِ الفطريَّةِ بين الإنسانِ والأوطانِ.

إنَّها علاقةٌ وطيدةٌ لا تحتاجُ إلى تفسيرٍ ولا إلى تحليلٍ.

علاقةٌ تتجاوزُ المشاعرَ العابرةَ، والأحاسيسَ المستعجِلة.

وفي هذا من جلالةِ حبِّ الوطنِ، وصعوبةِ مفارقتِهِ ما فيه.

ما السرُّ في الوطنِ؟ ما السر في حبنا الكبير لوطننا المملكة العربية السعودية والذي غاب عن هؤلاء الحاقدين والحاسدين؟

ما السرُّ في هذهِ الكلمةِ القصيرةِ المكوَّنةِ من ثلاثةِ أحرفٍ (وطن)؟!

هل (الواوُ) ولادةٌ .. و(الطاءُ) طفولةٌ .. و(النونُ) نموٌّ ؟

فيكونُ الوطنُ هو الإنسانَ في مراحلِ حياتِهِ كلِّها؟

هل الواو (وُضوءٌ) .. و(الطاءُ) طهارةٌ .. و(النونُ) نقاء؟

فيكونُ الوطنُ هو الإنسانَ في جانبِهِ الطاهرِ النقيّ؟

هل الواوُ (وعدٌ) .. و(الطاءُ) طموحٌ .. و(النون) نهضة؟

فيكون الوطنُ هو الإنسان في أحلامِهِ وتطلعاتِهِ لغدٍ أفضل؟

إنَّ (الوطنَ) يضمُّ ذلك كلَّهُ ويزيدُ عليهِ.

وعلاقةُ الإنسانِ بوطنِهِ ليستْ علاقةَ حبٍّ وإجلالٍ فحسب، بل هي أيضاً علاقةُ التزامٍ وعملٍ ووفاء، ولذلك قال شوقي رحمه اللهُ:

وللأوطانِ في دمِ كلِّ حُرٍّ ... يدٌ سلفَتْ وَدَيْنٌ مُسْتَحقُّ

نعم .. دَيْنٌ مستحَقٌّ لا بدَّ من الوفاء به.

ومن وفاءِ الدَّيْنِ للأوطانِ أَنْ يلهجَ اللسانُ بحبِّها، ويجريَ القلمُ بالتَّغنِّي بها والدفاع عنها أمام أعدائها.

ومن وفاء الدَّيْنِ للأوطانِ أنْ يقومَ الإنسانُ بما عُهِدَ إليه من مُهمَّاتِها خيرَ قيامٍ.

ومن وفاءِ الدَّيْنِ للأوطانِ أَنْ يحافظَ الإنسانُ على مصالحِها وثرواتِها وخيراتِها، وأنْ يقدِّم مصالحَها العامَّةَ على مصلحتِهِ الخاصَّةِ وأن يقف أمام كل حاقد وحاسد يريد النيل منها.

لقد أكرمنا اللهُ في وطنِنا (المملكةِ العربيةِ السعوديّةِ) بأنْ جمعَ لنا الدينَ والدُّنيا.

فجعل بلادَنا مَحْضِنَ الحرمينِ الشريفينِ، وخادمةً لضيوف الرحمن من حجاج وزوار ومعتمرين ثم جعَلَها سُبحانَهُ مستودعَ الثرواتِ، وأرضَ الخيراتِ والبركات وموقعاً جغرافياً يربط بين القارات وأجرى عليها نِعَمَهُ ظاهرةً وباطنةً.

وواجبُ الشكر على هذه النعم يقتضي منا أبناء هذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية، الالتزامَ بشرعِ الله، والحفاظَ الشديدَ على الشراكةِ التاريخيةِ بين القيادة والشعب، والحذرَ من كلِّ فكرةٍ أو دعوةٍ تُقوِّضُ هذا التناسقَ الجميلَ.

قال شاعر الوطن إبراهيم خفاجي يرحمه الله:

موطني قد عشت فخر المسلمين .. عاش الملك للعلم والوطن

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store