Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ونجهل فوق جهل الجاهلينا

No Image

A A
تساءلت في نفسي لماذا يمتنع البعض عن ربط حزام الأمان وإذا أراد أحدهم الاستدارة بسيارته فإنه لا يستخدم الإشارات المخصصة لذلك، بل ويفاجئ السائقين الآخرين بهجوم مباغت ويجبرهم على التقهقر إلى مواقعهم لكي يتمكن هو من الاستدارة. وعندما ينزل أحدهم من سيارته فإنه لا يستخدم الإشارات الأربع التي تشير إلى أن وقوفه مؤقت، لأنه يرى أنه من حقه عدم استخدام الإشارات، وعلى الآخرين أن يفهموا بأنه وقف هنا مؤقتاً!

قد يرى البعض أن هذه المظاهر سطحية ولا أهمية لها، ولكنها في الحقيقة انعكاس لمفاهيم مجتمعية معيّنة، تنم عن مدى ثقافة أفراد مجتمع ما، ومدى نضجهم الفكري.. أما اليوم أصبح الوقوف في الطابور وانتظار الدور ثقافة في المجتمع البريطاني انتقلت لتعمَّ معظم دول الغرب.

بما أنها ثقافة، فإنها تحتاج إلى جهود مجتمعة ومنظمة للوصول إليها والأهم من ذلك أنها تحتاج إلى «نفس طويل» من قبل صنّاع القرار حتى يروا النتائج على أرض الواقع.

إن الالتزام بالقانون يدعو إلى الرقي بالذوق العام وإعطاء كل ذي حق حقّه، فيصنع مجتمعاً مستقراً لا يسعى أفرادُه للقضاء على بعضهم البعض لكي يحصل كل شخص على قطعة من الكعك أكبر من الآخرين، فقطع الحلوى في المجتمعات «القانونية» مضمونة للجميع ومقسّمة بالتساوي بينهم، اللهم إلا من بذل جهداً مضاعفاً، وفي إطار القانون فإنه يحصل على قطع مضاعفة دون أن يحرم غيره من الحلوى.

الالتزام بالقانون هو دليل نضوج المجتمع وبلوغه مراتب من العلم والمعرفة أهّلته ليعتلي سلّم الحضارة، ومخالفة القوانين جهل، والمأساة الحقيقية هي أن نقتنع بأن الجهل قوة وأن المعرفة ضعف، والمأساة أيضاً تكمن عندما نقتنع بأن مخالفة القوانين رجولة واتباعها هوان.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store