لست سوداوية ...ولكن

أقلام كثيرة صورت مونديال قطر على أنه صنع بوناً شاسعا من القدرات بين السعودية وقطر، فأطنبت في التفاصيل و أفاضت بالأمثلة و كله تحت عنوان « أين نحن من قطر». بداية لا بد من تأكيد إن محتوى هذه المقالة ليس موجهاً لإفساد سعادة القطريين و العرب بحدث رياضي كبير يساوي المونديال..أكثر ما هو محاولة لإزالة الحسرة من بعض القلوب لتفرق بين الحقيقة و ظلها ،فهناك فرق بين أن تمسك منصة المجد و أنت متيقظ وبين أن تكون حالما - ان السؤال الذي أطلقته الشيخة موزة المسند وكررته بتصميم رائع أثناء دفاعها عن حق منطقة الشرق الأوسط في تنظيم المونديال: (متى؟.. متى؟.. هو سؤال شجاع يتمنى جوابه كل عربي ....وقد حصل. ولكن هل نحن على استعداد لحدث كهذا؟ ليكون بوسعنا أن نصرخ..... هنا قطر... هنا الخليج ..هنا العرب. ففي نقلة اولى نحب أن نوضح أولا أن جميعنا يعتبر فوز قطر بالمونديال اعتزازا بهويتنا العربية و الإسلامية ولكن المستهجن أن البعض بهرته حتى أدق التفاصيل ومنهم من زاد هذا الاعتزاز (قدرة القطريين على قراءة ملفهم باللغات الانكليزية و الاسبانية و الفرنسية ) بينما نحن نصر على ثقافة الكتاب على حد قولهم ، ولا أدرى لماذا لا تكون القراءة بالعربية اذا كان ذلك اعتزازا لعروبتنا مع أن الكوريين و الروس و الانكليز لم يقبلوا إلا التحدث بلغتهم. ناهيك أن كوريا و اليابان و جنوب إفريقيا وغيرهم حين فعلوها فعلوها بخبرات و كوادر وطنية في الوقت الذي ستطلب فيه قطر ( أو أي دولة شرق أوسطية) من يصمم لها الملاعب و يزرع لها عشب الملاعب ، ويعلمهم كيف يديرون الشاشات العملاقة و يوصل لهم أجهزة الصوت ، و يبيعهم القمصان و الأحذية ،ثم يدرب لهم لاعبيهم و لم نفتح ملف تجنيس اللاعبين الأجانب بجنسيات قطرية لتكملة عدد الفريق. ولو نظرنا لكل الدول السابقة التى استضافت المونديال هى دول قائمة على مؤسسات وبنى تحتية فحتى جنوب افريقيا تعتبر من الدول المتقدمة من حيث التصنيع والاستقلاليه الاقتصادية ، والمعروف ان كل دولة ليس لها بنى تحتية اقتصاديا هى دولة آيلة للسقوط. فماذا يعني حدث كهذا سيقع بعد اثني عشر عاما..و هل يستحق هذا العناء الذي ابتدأ بأربعين مليار دولار كدفعة أولى لحساب يعلم الله وحده عند كم صفر سيحط رحاله ، والأهم و ماهو المردود الذى تنتظره الأجيال القطرية القادمة ( بعد انتهاء الحدث ) من ملعب لوسيل مثلا الذي سيقام على شكل جزيرة عائمة تتسع لقرابة مائة ألف متفرج... ؟ و غيره من الملاعب و القلاع الرياضية والتي ستقام على طريقة العرب المفضلة...اكبر قميص...أعلى برج ( خصوصا اذا ما علمنا أن قطر هذه الدولة الصغيرة لا تخلو من البطالة ). إن الحدث الذي تعولون عليه لا يتعدى كونه تظاهرة رياضية جميلة سنسعد بالتأكيد بها جميعا ، ولكن لا تدعهم يصورون لك هول الانجاز و عظمته مما يجعلك تقتنع إنك ستخرج بعملة موحدة للدول الخليجية ( يا ما انتظرناها ) أو خريطة استقلال عربية تبدأ بالعراق وصولا الى القدس ( يا ما افتقدناها )..و بعده يزيدون لك في الوهم ليصوروا لك الحدث على انه مسرح لإيصال قضايانا إلى العالم و قد فاتهم أمران:مشكلة هذه القضايا ليس في إيصالها بل في عدم عدالة من يستمع إليها... ،لقد فعلت قناة الجزيرة ما يعجز عنه ألف مونديال.و الأمر الثاني إن هذه الحشود القادمة من الغرب و التي تنتظرون منها أن تفهم ثقافتنا مستعدة لتدمير متحف يضم تاريخ العروبة والإسلام كله إذا ما غفلت عين الحكم عن ضربة جزاء لمنتخبهم.. فثقافتكم يا أعزائى آخر همهم ..ختاما - وعدا عليّ اذا ماتم يوما واخذت السعودية المونديال أو اى دولة عربية وكانت مصنفة من الدول المتقدمة لأزغرد زغرودة عربية خليجيةسعودية ، يسمعها القاصى والدانى ، ووقتها لن اكون سوداوية كما وصف تطلعاتى البعض ، ولكم شكري .albatoul21@hotmail.com