إلى الآن، وبالنسبة لتطوير المشاريع والمناطق العشوائية لدينا، يتم حاليًا استخدام نموذج واحد احتكاري، حيث تُعطَى لمقاولٍ ومطوِّرٍ واحد بأسلوب المناقصة من قِبَل الجهات المعنية الرسمية، فتُعطَى لأكبر دافع، على الرغم من أن أرض وموقع المشروع مملوكة لعددٍ كبير من سُكَّان المنطقة. الأمر الذي ينجم عنه التحكُّم في المُلَّاك، وهُم عدد كبير، فيُواجِه المشروع «الفشل» من بدايته، ويُواجَه بمقاومةٍ عنيفة، بسبب تحديد سعر البدل، ويُستَغَل المُلَّاك الضعاف منهم. في حين أن هناك نماذج عالمية تُطبَّق في كل أنحاء العالم، حيث يُترَك المشروع التطويري والإنشاء من قِبَل شركات المقاولات، لعددٍ كبير من المتنافسين. فنجد أن المشروع يتم بسرعة، وبرضا من كل الأطراف، فتعم الفائدة، وينجم عن ذلك استفادة مجموعات كبيرة (مطوِّرين، مقاولين، ومُلَّاك)، وفي النهاية تصب هذه الفائدة في الاقتصاد المحلي بصورةٍ أكبر، وينتعش قطاعًا بأكمله.
الدولة هنا تُمارس دور حيادي، حيث تُحافظ على الحقوق، وتقوم بدور المشرف والمُنسِّق، ولا يتعدَّى دورها ذلك، حتى تضمن تفاعل وتعامل الأطراف بصورةٍ إيجابية.
هناك إجماع على أن المنافسة تُساعد على التسعير للمنتج، أو الخدمة بصورةٍ إيجابية، وتُسهم في إفادة الاقتصاد، وتمنع الظلم عن أي فئةٍ من فئات المجتمع، كما هو معروف اقتصاديًا. ولا يختلف اثنان على هذه الحقيقة، التي تسعى كل دول العالم لتطبيقها. في حين نجد أن الاحتكار يؤدي إلى سوء التسعير، وخسارة فئة، لتستفيد فئة أخرى على حسابها، وبالتالي يُواجَه المشروع بمقاومة، علاوةً على أن الطرف الذي استفاد قد يُواجهه التعثُّر، بسبب كِبَر المشروع، وعدم توفُّر القدرة المالية له، نتيجة لكونها أكبر من إمكانياته. وبالتالي يكون الاقتصاد المحلي هو الأكثر خسارة من هذا التوجُّه، نظرًا لانعدام الكفاءة فيه بسبب الاحتكار الذي يجب محاربته.
تمارس الدولة دورها كمُنظِّم ومُشرِّع، لتضمن قيام المشروع، وعدم تعدِّي الأطراف على بعضهم البعض، حتى نُحقِّق المنفعة الكلية لاقتصادنا المحلي ويزدهر، بدلًا من عدم قيام المشروع، أو احتياجه لفتراتٍ طويلة، والأمثلة كثيرة التي يذخر بها مجتمعنا، ويمكن النظر لها، حيث لم يتم أي مشروع بالسرعة المطلوبة دون وجود الدولة كمُطوِّر، وفِي الطرف الأساسي.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
