Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ويكي ليكس والحرب المعلوماتية

تتباين الأفهام والمواقف على مستوى العالم للأفراد والمجتمعات والمؤسسات الإعلامية والإعلام الرديف (إعلام النت) والحكومات والدول من تسريبات موقع «ويكي ليكس» الذي أسس عام 2006م بهدف معلن هو كشف الفساد

A A

تتباين الأفهام والمواقف على مستوى العالم للأفراد والمجتمعات والمؤسسات الإعلامية والإعلام الرديف (إعلام النت) والحكومات والدول من تسريبات موقع «ويكي ليكس» الذي أسس عام 2006م بهدف معلن هو كشف الفساد في جميع أرجاء العالم، فثمة من يرى فيها البراءة ويحسن الظن فيمن يقف وراءها وأن الهدف منها هو نشر ثقافة الشفافية خصوصاً في عالم الدبلوماسية وصناعة واقع معلوماتي عالمي جديد فيأخذون التسريبات على ظاهرها، في المقابل فإن أفراداً ومجموعات من الكونغرس الأمريكي ذهبوا لحد وصف من ساهم في تسريب الوثائق بالخيانة العظمى كما وصفوا التسريبات على أنها أعمال إرهابية تعرض الأمن القومي الأمريكي للخطر، وثمة فريق لا يشكك في أصالة الوثائق لكنه يفرق بين مفهوم الأصالة ومفهوم الدقة ومطابقة الواقع بمعنى أن المعلومات والأفكار التي تشتمل عليها الوثائق صحيحة النسبة لقائليها غير أن آراء القائلين قد تكون وقد لا تكون مطابقة للواقع وبالتالي فإن فهم محتوى هذه الوثائق وتحليلها وما يمكن استنباطه وفهمه من محتوياتها لا يقل أهمية عن التسريبات ذاتها، وهناك من يرى في تسريبات «ويكي ليكس» نوعا من المؤامرة والخدع الاستخباراتية العالمية لا سيما للموساد الإسرائيلي نظراً لأن إسرائيل تكاد تكون الدولة الوحيدة التي لم تتأثر بفضائح «ويكي ليكس» على شدة وتعاقب جرائمها ضد الإنسانية وكونها دولة مارقة بامتياز. الأمر الآخر هو دوافع الموقع والقائمين عليه من هذه التسريبات، لا سيما بالنسبة للمسلمين الذي يشكل موثوقية مصدر المعلومات بالنسبة لهم مقياسية في قبول الأخبار من عدمها كما في المنهج الرباني (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) فالواجب هو التبين من مصداقية المصدر، بينما موقع «ويكي ليكس» والقائمين عليه تحيط بهم أسرار يحافظون عليها محافظة الدول على أسرارها بحجة حماية مصادر معلومات الموقع، وتثار حول ذلك الكثير من التساؤلات كمثل: هل تعجز الإدارة الأمريكية عن إقفال موقع على الإنترنت معروف المكان الجغرافي (في السويد) كونه يشكل خطراً كبيراً على الأمن القومي الأمريكي ويتسبب في خروقات دبلوماسية وإحراجات بالغة للولايات المتحدة وحلفائها، علماً بأن الولايات المتحدة اتخذت قراراً بإغلاق مئات المواقع الإسلامية في أعقاب 11 سبتمبر بحجة الحفاظ على الأمن القومي الأمريكي دون أن تلقى أية معارضة تذكر. من التساؤلات الكبرى عن موقع «ويكي ليكس» هي مصادر التمويل للموقع والعاملين فيه إذ يقول من يديرونه بأن تمويلهم يأتي من: “منظمات حقوق الإنسان، ومن صحفيين متخصصين في الأبحاث، وأفراد يعملون في مجال التكنولوجيا، وآخرين ” بينما ثمة شواهد تربط بين تمويل الموقع ودولة الكيان الصهيوني إسرائيل. فقد التقى مؤسس موقع «ويكي ليكس» السيد جوليان أسيناج مع مسؤولين إسرائيليين في جنيف بداية عام 2010م وتوصل الطرفان إلى إبرام اتفاقية يمتنع فيها موقع «ويكي ليكس» عن نشر عدد كبير من الوثائق التي تدين إسرائيل في حربها ضد كل من لبنان وغزة في صيف 2006م وبداية عام 2009م على التوالي. وعلى ضوء تلك الحصانة الإسرائيلية من فضائح تسريبات «ويكي ليكس» يأتي وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (بأن التسريبات في صالح إسرائيل) كما أنه في ضوئها يمكن فهم قول المتحدث الرسمي السابق باسم الموقع دانيال دومشيت برغ لصحيفة ألمانية (بأن المنشقين عن موقع ويكي ليكس يزمعون إنشاء منصة إطلاق إعلامية بديلة تقوم بتحقيق أهداف ويكي ليكس الأصلية: مشاركة الملفات بلا حدود). ستتكشف الحقائق عن موقع «ويكي ليكس» والقائمين عليه وستظهر نواياهم الحقيقية مع الوقت رويداً رويدا، وربما كان للموقع في بداية تأسيسه أهداف تتوافق مع المعلن من أجل عالم أكثر شفافية معلوماتية ضمن حرب عالمية ضد الفساد السياسي والمالي والإداري والأخلاقي في جميع أنحاء العالم لا سيما في مجال الدبلوماسية المبني على الإغراق في الكذب ولي أعناق الحقائق ضمن إطار أكبر هو إطار الصحوة السياسية العالمية التي ملخصها انخراط غالبية الناس في جميع أنحاء المعمورة في تفاعل سياسي بشكل غير مسبوق في تاريخ العالم يساهم فيه حتى الأفراد العاديين في المتغيرات السياسية مشكلاً تحديات كبرى للقوى العظمى ومؤسساتها العالمية الكبرى وشركاتها متعددة الجنسيات ومؤسساتها المالية العملاقة، الأمر الذي يستحق الدعم والتشجيع من قبل كل محب للتغير نحو الأحسن، غير أنه كما يبدو أن الموقع قد اختطف من قبل رأس الفساد والإفساد العالمي الصهيونية ودولة إسرائيل بل وربما كان واجهة للـ سي أي آيه الأمريكية التي يمكن اعتبارها رمزاً للدفاع عن النخبة العالمية الساعية إلى تشكيل حكومة عالمية، ويبدو أن شفافيته الـ»ويكي ليكس» الموعودة قد تحولت إلى شفافية انتقائية تزعج وتؤرق أقواماً وتتغاضى عن آخرين، وتتسبب في الإحراجات بل وربما الأزمات بين المجتمعات والدول لا سيما في المنطقة العربية الإسلامية، ضمن إطار الحرب المعلوماتية بين حراك الوعي السياسي العالمي والنخبة العالمية المشار إليها بقيادة الصهيونية العالمية، لدرجة أنه يمكن تصنيف تسريبات «ويكي ليكس» مرحلياً بأنها ضرب من ضروب تضليل معلوماتي ملتوٍ ضمن حرب معلوماتية عالمية باسم الشفافية. sami_habib@maktoob.com

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store