Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

"الموهبة والثقافة العلمية والمهنية"

شذرات

A A
تساؤلات عديدة تُثار دومًا عن خريجي كليات الإعلام في بلادنا، وعمَّا إذا كان الخلل في البرامج والمناهج، أم في كفاءة هيئة التدريس، أو في ضعف المخرجات، أو نتيجة سوء اختيار مَن يلتحقون بهذه الدراسات؟.. ولا توجد هناك دراسات علمية يعتد بها لتشخيص هذا الوضع المتأزم.

بالأمس القريب فقدت الصحافة في بلادنا أحد أعلامها، وهو الأستاذ عبدالله عمر خياط، بعد رحلة طويلة في خدمة (صاحبة الجلالة)، كما يحلو للبعض تسميتها، وعلى الرغم من كل النجاحات التي حققها في هذه المهنة، إلا أنه كان أفضل من العديد من الأكاديميين، بل هو قام بتدريب عدد منهم في هذا البلاط، وهم مدينون له بالفضل، يرحمه الله، هذا يُدلِّل بشكلٍ قاطع أن الموهبة والثقافة العلمية والمهنية هي سلاح الصحافي أو الإعلامي الناجح.

الإعلام اليوم صناعة قائمة بذاتها، فلا يكفي أن يتخرَّج من كلية إعلامية أو أي مؤسسة أخرى ليكون إعلاميًا ناجحًا، وقد لوحظ على بعض الناجحين من الموهوبين في هذا المجال حرصهم على الالتحاق بإحدى المؤسسات الإعلامية الأكاديمية، لا للاستزادة بقدر الحرص على التأهيل الوظيفي الذي لا يعترف في كثير من الحالات بالموهبة الصحفية، والثقافة العلمية والمهنية.

لا يساورنا أدنى شك أن النجاح الإعلامي عبارة عن خلطة سحرية من الموهبة الحقيقية قبل أي شيء، زائد القدرة الفطرية والتدريب المستمر والممارسة وتحمل المشاق والتضحية في العمل، وهذا الأمر يشمل كل مَن يعمل في الصحافة الورقية أو الإلكترونية، أو الإذاعة والتلفزيون، وكل ما يتعلق بمؤسسات الاتصال الجماهيري، على أن الموهبة والثقافة العلمية والمهنية لا تُغني المرء من تعلُّم الأسس والقواعد الفنية في الحقل الإعلامي، وفي مقدمتها القِيَم المهنية التي أصبحت شبه مفقودة في عالمنا الإعلامي، وقد لاحظنا ذلك بوضوح من خلال قضية الأستاذ جمال خاشقجي -يرحمه الله-، والإثارة الواضحة في الطرح، وتسريبات متنوعة جلها ليس لها علاقة بالقضية بقدر توظيفها للتشفِّي وتضليل الرأي العام وتسييس القضية، تمهيدًا للانتقام والنيل مِنَّا، وغير ذلك من التحليلات السياسية التي لا تُدلِّل عن مصداقية وعُمق، بقدر توظيف القضية لأجندة مسبقة، فكيف يمكن تفسير ما يحدث؟.

بلادنا في أمسِّ الحاجة إلى إعداد كوادر قادرة على استيعاب مختلف فنون الاتصال الجماهيري، بما يُفجّر الطاقات ويصقل المواهب ويضاعف العطاء، وتبدو الحاجة ملحة إلى إعادة النظر في مناهج كليات الإعلام والأهداف بشكلٍ عام. نحن في حاجة إلى صحافة حقوقية متخصصة وصحافة في تقنية المعلومات وفي مجال النقل وفي مجال التشييد والبناء، وفي شأن البيئة والزراعة، وفي مجال الحج والعمرة، وفي شأن البترول والطاقة بشكلٍ عام، مع الحرص على الحفاظ على أخلاقيات المهنة وقيمها.. والله المستعان.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store