Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

نظرية المؤامرة! (1)

A A
ممّا يثير الدهشة والاستغراب؛ أنّه رغم ما يُعلنه مسؤولون غربيّون عن مخططاتهم ضد البلاد العربية والإسلامية، إلّا أنّ هناك مَن يتَّهم العرب والمسلمين القائلين بنظرية المؤامرة، أنّهم يُسوِّغون إخفاقات وأخطاء المجتمع العربي بالتهويل من (نظرية المؤامرة)، وجعلها شمَّاعة يلقون عليها كافَّة الأعذار التي يرون أنَّها وحدها هي التي تحول بينهم وبين ما يتطلَّعون إليه من اللحاق بركب التنمية والتجديد والتنوير بمفاهيمها الإسلاميَّة لا الليبراليَّة، فيلجأون لاتهام الغرب أو غير المسلمين بأنَّهم السبب الحقيقي لعدم تقدُّمهم.

ولنقطع الشك باليقين تعالوا نسترجع معًا تصريحات مسؤولين غربيين عن مؤامراتهم ومخططاتهم ضد العرب والمسلمين.. من ذلك:

1. نشأة الحركة الاستشراقية، فبعدما فشلت المواجهة العسكرية للإسلام والمسلمين في الحروب الصليبية، ورأت البابوية ورجال الدين المسيحي محاربة الإسلام بالفكر، فقد وضع الاستشراق الرسمي موضع التنفيذ منذ انعقاد مجمع فينا الكنسي (1311- 1312م)، وذلك نزولاً على قرار البابا اكليمنص الخامس؛ إذ أوصى بتأسيس كراسي الأستاذية؛ للعربية واليونانية والعبرية والسريانية في جامعات باريس وأكسفورد وبولونيا وغيرها. فنشأةُ الاستشراق الرسمي بإذن الباباوات وبتنسيق المجالس الكنسية دليل قاطع على أنَّ الاستشراق قام لهدف ديني في المقام الأول، ولكن هذا لا يمنع من وجود أهداف أخرى دنيوية، وفي مقدمتها الأهداف السياسية والاقتصادية، ويُوضِّح هذا تقرير المراجع الأكاديمية المسؤولة في جامعة كمبردج بالنسبة إلى إنشاء كرسي اللغة العربية فيها، فقررت هذه المراجع في خطاب مؤرخ 9 مارس 1636م، وموجَّه إلى مؤسس هذا الكرسي جاء فيه: «ونحن ندرك أنَّنا لا نهدف من هذا العمل إلى الاقتراب من الأدب الجيد بإلقاء الضوء على المعرفة، وهي لا تزال محتبسة في نطاق هذه اللغة التي نسعى لتعلُّمها، ولكننا نهدف أيضًا إلى تقديم خدمة نافعة إلى الملك والدولة عن طريق تجارتنا مع الأقطار الشرقية، وإلى تمجيد الله بتوسع حدود الكنيسة والدعوة إلى الديانة النصرانية بين هؤلاء الذين يعيشون في الظلمات» (د.عبداللطيف الطيباوي: المستشرقون الناطقون بالإنجليزية، ترجمة وتقديم د.قاسم السامرائي، ص21، الرياض: عمادة البحث العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 1411هـ/ 1961م).

وهكذا نجد أنًّ الدافع الأول لنشأة الاستشراق في الغرب هو الدافع الديني، فقد بدأ بالرهبان، واستمر كذلك حتى عصرنا الحاضر، وكان همّهم الطعن في الإسلام وتشويه محاسنه، وتحريف حقائقه، ليثبتوا لجماهيرهم التي تخضع لزعامتهم الدينية أنّ الإسلام دين لا يستحق الانتشار،وأنَّ المسلمين قـوم همج لصوص وسفاكو دماء، ويحثهم دينهم على اللذات الجسدية، ويبعدهم عن كل سمو روحي وخلقي. وكان لهذا الدور الاستشراقي آثار سلبية على مستقبل الدراسات الإسلامية في المجتمعات الإسلامية، بل كان له أثره في تدعيم حركتي التنصير والاستعمار في الشرق.

2. إعلان نائب الرئيس الأمريكي في حفل الأكاديمية البحرية بولاية ماريلاند عام 1992م أنَّهم أخيفوا في هذا القرن من ثلاث تيارات، وهي النازية والشيوعية والأصولية الإسلامية، وتمكنوا من الخلاص من النازية والشيوعية، ولم يبق أمامهم سوى الأصولية الإسلامية، فما أعلنه الرئيس الأمريكي في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001م قيام حرب صليبية على الإسلام لم تكن زلّة لسان، وإنَّما هي بالفعل حرب صليبية ثانية على الإسلام.

3. ما أعلنه البابا يوحنا الثاني في المجمع المسكوني -الذي عُقِدَ في أوائل الستينيات من القرن الماضي- من استقبال الألفية الثالثة بلا إسلام، وتنفيذًا لما تقرر في مؤتمر التنصير الذي عقد في ولاية كلورادو بأمريكا عام 1978م: «أنَّ الحضارة الإسلامية والثقافة الإسلامية شر برمتهما ينبغي اقتلاعهما من جذورهما، وأنَّ هذا يُمثِّل عقيدة كل مسيحي، وأنَّهم يُستفزُّون من كلمتي مسجد ومسلم، وأنَّ الحوار الإسلامي المسيحي أحد وسائل تنصير المسلمين، وأن يجد الإنجيل طريقه إلى المسلمين، ويجب أن تخرج الكنائس القومية من عزلتها، وتقتحم بعزم ثقافات ومجتمعات المسلمين الذين تسعى إلى تنصيرهم».. للحديث صلة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store