Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

إن المحب لمن يحب مطيع

شذرات

A A
القلوب تهفو لحب سيد الكونين وإمام الثقلين سيد الخلق حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولم ينقطع هذا الحب حتى بعد وفاته حيث ازداد شوق المحبين لرؤيته في المنام، ومنها قصة ذلك الرجل الذي اشتاق لرؤية الحبيب في المنام فنصحه أحد الصالحين أن يكثر من أكل السمك ولا يشرب الماء في ذلك اليوم، ففعل الرجل بالنصيحة، وفي اليوم التالي جاء ليقول: لم أرَ رسول الله في المنام وكل الذي رأيته مياه وأنهار وجداول، فكان الرد من قبل الرجل الصالح لم ترَه لأن شوقك إلى الماء كان مهيمناً على عقلك، ولو كان شوقك إلى النبي عظيماً بالفعل لرأيته.

المدينة المنورة مثوى رسول الله عاش فيها يكمل رسالته ودفن في ثراها الطيب، ثم دُفن صاحباه أبو بكر وعمر بجواره فضلاً عن ما يحويه ثرى بقيع الغرقد من أمهات المؤمنين وبنات الرسول ومرضعة الرسول حليمة وخليفة رسول الله عثمان بن عفان وأبناء وبنات عمومته وعدد كبير من صحابة سيد البشر، فلا غرو أن تكون المدينة مقصداً لكل من زار بلاد الحرمين كي يتشرفوا بالسلام على رسول الله وصاحبيه وزيارة البقيع وغيره من الآثار النبوية التي تحظى بقدر كبير من الاهتمام وفي مقدمتها شهداء أحد، ومسجد قباء أول مسجد أسس على التقوى وأماكن الغزوات والمساجد المأثورة وغير ذلك.

إن من دواعي الحب الصادق لرسول الله كثرة ذكره والصلاة عليه، وسؤال أبي بن كعب للرسول عندما قال: إني أكثر الصلاة والسلام عليك، فكم أجعل لك من صلاتي، وبقية الرواية المعروفة، إلى أن قال: أجعل لك صلاتي كلها فرد سيد البشر: إذاً تكفى همك ويغفر لك ذنبك. ولعل من أهم مقتضيات محبته عليه أفضل الصلاة والسلام هو أن نتبعه ونلتزم بأومره ونواهيه.

لما سأله رجل متى الساعة؟ قال وما أعددت لها؟ قال الرجل: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله، قال أنت مع من أحببت.

إن لنا في رسول الله أسوة حسنة وعلينا أن نستيقظ من غفلتنا، ولعل من يطلع على خطبة الوداع لسيد البشر وهي خطبة وجيزة رسم فيها خارطة الطريق للإنسان ولم يرسل لهذا الكون إلا رحمة بهم والآية (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وهو قدوتنا صلى الله عليه وسلم، وفي هذا الشهر ربيع الأول يحتفل المسلمون بالمولد الشريف بعد أن أشرق الكون بقدومه والواجب علينا أن نتبع هديه وأخلاقه وسمته وآثاره وسيرته وأقواله المباركة، كما نتذكر ما حدثنا به أبو الحسن البصري: يامعشر المسلمين، الخشبة تحن إلى رسول الله شوقاً للقائد، فلا غرو أنتم أحق أن تشتاقوا إليه. نتذكر حنين الجذع وسلام الحجر والشجر وكيف سجد له الجمل احتراماً وإجلالا، وهناك آداب للزيارة والسلام على سيد البشر معروفة لدى الجميع، ومرة أخرى يامرحى بربيع خير الوجود صلى الله عليه وسلم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store