Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. عادل خميس الزهراني

حكايات في الحب.. ليس إلا..!!

A A
هذه حزمة من حكاياتٍ في الحب.. عن الحب .. ولأجل الحب.. بعضها مفاجئ جداً مثل «قهوة».. بعد صلاة مغرب، بعضها الآخر رتيب كحرب عالمية على الأبواب.. لكنها حكايات جميلة.. أثق أنها كذلك، لأنها عن الحب:

كنتُ في دبي.. ودبي فاتنة مجنونة الملامح هذه الأيام، لكن دبي ليست الحكاية.. بدأت الحكاية في مقهى ناءٍ من ركنٍ قصي، كنت أستعرض ما لدى المقهى من أنواع الحَلى، حين وقعتْ عيناي على «كيك» غريب الشكل، أعرفه جيداً... أعادني خمسة وعشرين عاماً للوراء.. لصديق كان يعشق هذا النوع.. وكنت أسخر منه، لأني لست مقتنعاً بقطعة الكيك.. ولا بعشقه المجنون.. اخترت القطعة طبعاً.. وعدت إلى ركني القصي من مقهى دبي.. لألتهمها.. لعلي أذوق فيها شيئاً من نكهة العمر.. شيئاً من ابتسامة صديقي الذي اشتاق لحلوى الآخرة، فحلق لها مبكراً.

صديقي هذا يذكّرني بأبي كثيراً.. لا أعلم لماذا؟ لعل العم خميس -أبي- لم يكن أقل شغفاً وعشقاً.. في أيام «ملكته» على أمي، علم أنها في جدة.. تزور أقاربها.. وكان محمد عبده يغني ليلتها، «الحظ هالليلة كريم.. محبوبتي معزومة من ضمن المعازيم».. خميس -العاشق النبيل- فعل المستحيل كي يوصل الراديو لمحبوبته «نورة».. كي تستمع لمحمد عبده -أو لخميس- وهو يصرخ: «في زحمة الناس صعبة حالتي»..!!

هؤلاء الكبار يعرفون جيداً كيف يحبون.. جَـدُّ صديقي شيخ شهير.. شهير جداً.. كان يعيش قصة غرام لا مثيل لها مع فتاة أحلامه التي قضى معها أكثر من خمسين عاماً... جلها كان في المزرعة.. كانت إذا غضبت من فارس أحلامها، تقول له: «ابعد عني.. رح هناك... بآآآآآخر المزرعة».. هذه الجميلة ماتت قبل صاحبها.. فكان ينوح كما تفعل «منارة شامخة».. مرةً قرر أن يكون شجاعاً ليبوحَ لابن ابنه -صديقي- بما يجترح قلبه.. قال له: «يا وليدي ليتها ترجع.. ومستعد أجلس لها هنااااك... بآآآآآخر المزرعة»!!

صديق آخر، رزقني الله حبه.. في حفل تخرجنا من الجامعة، كان معنا في قائمة المتفوقين الذين سيكرمهم الأمير... لكنه لم يحضر، لأنه وعد محبوبته أن يُحضر لها العشاء إلى سكن الجامعة تلك الليلة.. غضبتُ منه، ولمته كثيراً على تفويته لليلة من ليالي العمر.. لكني تراجعت عن لومه، بعد أن عرفتُ أنه أضاع -بعد ذلك- أربعة عشر عاماً من عمره في انتظارها.. لم يرِدْ غيرها.. لذلك لم يتزوج غيرها.. هما الآن معاً. لطالما حدثني هذا الصديق عن «يوسف الصغير اللذيذ اللسان» وعن أمه؛ يوسف هذا يدلل أمه دلالَ ملكة، وهي كذلك.. والناس حولهم في حيرة من قصة الغزل بينهما!!

يوسف هذا يشبه نورةً صغيرة في العائلة.. هي حبة خوخ.. وصوتها لوحة لفان جوخ.. ٣ سنوات هو عمرها.. ٣ قرون هو عمر قلبها.. تحب أباها بشكل جنوني.. أراودها لتنام معي.. فترفض بحزم لذيذ.. تقول والبحة تلعب في رأسي: (أنا أنام مع بابا).. فأرد مغتاظا: (من زينك وزين بابا)... فترد بانتشاء: (لا لا.. بابا مرة حلو).. تمضي نورة الصغيرة.. وتظل القلوب متعلقة بأستار بحتها العجيبة!!

كان اسمها علياء.. وكان يحبها بجنون.. علياء تزوجت بعد أن ملت الأيامُ انتظارها.. هو أصبح عسكرياً في مناطقَ مدججةٍ بالملل.. كل صباح يذهب لعمله بحماسِ جثةٍ في ثلاجة موتى.. كلُّ صباح يستمع لفيروز وهي تحلّق: (يخرب بيت عيونك يا علياء.. شو حلوين).. كل صباح.. يستمع لفيروز.. ويبكي.

يذكرني بصديق من أصدقاء الصحافة.. كان بهياً مثل صفحة أولى تحمل «مكرمة ملكية».. لعله كان هكذا من الخارج فقط..!! قبل 36 سنة كاد القدرُ أن يختلسَ له مقعداً في الجنة... معها.. لكن ذلك لم يحدث.. بعد 36 سنة.. كان لا يزال ينتظرها..!! من الخارج كان بهياً مثل صفحةٍ أولى تحمل «مكرمة ملكية».. داخله لم يكن كذلك.. كان أشبهَ بصفحة وفيات..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store