Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أيمن بدر كريّم

«سيلفي».. والنرجسيّة!

A A
خلال عام 2013، اختار مُعجم أكسفورد للغة الإنجليزية كلمة «سيلفي» بوصفها كلمة العام الأكثر تداولاً في الصفحات الاليكترونية والمطبوعة، ويبدو أن هذا الاختيار بحدّ ذاته عزّز سرعة انتشار استخدام هذه الكلِمة، وبخاصّة بعد ظهور عددٍ من المَشاهير وهم يأخذون لأنفسهم وأصدقائهم صوراً من نوع «سيلفي».

وعلى مدى السّنوات السابقة، أثارت صور «سيلفي» اهتمامَ عدد من المُتابعين والمُختصين وبعض البحوث والتقارير العلمية، في محاولة لتحليل هذه الظاهرة التي حازت على اهتمام كثير من الناس بمختلف فئاتهم وأعمارهم، وصل إلى حد الهَوس الشّخصي، والهيستيريا الجماعية.

وحديثاً، وخلال الشّهر الحالي (نوفمبر 2018)، أظهرت دراسةٌ من جامعة (سوانسي) البريطانية تم نشرها في مجلة (سايكولوجي) على الإنترنت، ارتباط التقاط مع نشر عددٍ مبالغٍ فيه من صُور «سيلفي» في مواقع التواصل الاجتماعي، بارتفاع نسبة الإصابة بصفات «اضطراب الشخصية النرجسية» بمعدّل (25%)، حيث رأى أحد الباحثين، أن مُمارسة «السّيلفي» بصورة مُفرطة، قد يكون عرَضاً من أعراض «النرجسية» وأنّ خطر الإصابة «بالنرجسية» يُمكن أن يزداد بممارسة سلوك «سيلفي»، أي أنّ العلاقة هنا مُتبادَلة.

وتُشير تقارير إلى أن الهَوس بسلوك «سيلفي» مُرتبطٌ بهوس الشخص بمظهره الخارجي «واضطراب تشوّه الجسم» في تأكيدٍ للنظرة العلمية التي تصنّف الهاجس بالتقاطِ صور «سيلفي» ونشرِها، ضمن الاضطرابات العقلية والإدمانِ السُّلوكي كالوسواس القهري، الذي يحتاج صاحبه إلى مُساعدة، ويسمّى الاضطراب نفسه بـ «سلفيتيس»، ويرتبطُ بشكلٍ وثيق بضعف الثقة في الذات، وهاجس إثارة اهتمام الغير، والإصابة بالنرجسية، فضلاً عن ارتباط ذلك كلّه بإدمان شبكات التواصل الاجتماعي، والرّغبة المُلحّة لنشر أفضل الصور وأجملها، والحرص الشديد على متابعة التعليقات على الصور المنشورة، وهو ما قد يُثير مشاعرَ الغيرةِ والحسد وعدم الرضا عن النفس والمظهر، فضلاً عن التوتر والقلق والاكتئاب.

من الضروري نشر ثقافة التوعية به والوقاية منه، وتجنّب سلوكيات إدمان الهاتف الجوال، وملاحظة تصرّفات الأطفال والمُراهقيـن وتعاملهم مع وسائل التواصل الاجتماعي وتأثّرهم السّلبي بها، إضافةً إلـى الوصول للتشخيص السليم وما يرتبط به من اضطرابات عقلية وشخصيةٍ أخرى، بالعرض على الطبيب المُختص، والالتزام بجلْسات «العلاج المَعرفي السُّلوكي»، لتقديـم المُناصحة والمَشورة حول بناء الثقة في النفس، والانخراط في نشاطات التواصل الصحي الواقعي مع الناس، وغير ذلك من النصائح والسلوكيات الإيجابية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store