Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

والإنسانية بشهوة الجريمة ..!

في الصفحة نفسها، ووسط الحدث المبهج نفسه: عودة الطفل المسروق، واحتفال أهله وأقاربه وفريق الصحيفة به، طالعتنا «المدينة» يوم السبت الماضي، بخبرٍ عنوانه: «العثور على مولودة بجوار جامع منتزه الشكران ببل

A A

في الصفحة نفسها، ووسط الحدث المبهج نفسه: عودة الطفل المسروق، واحتفال أهله وأقاربه وفريق الصحيفة به، طالعتنا «المدينة» يوم السبت الماضي، بخبرٍ عنوانه: «العثور على مولودة بجوار جامع منتزه الشكران ببلجرشي»! وكانت رضيعة في أيامها الأولى، ملفوفة ببطانية، ومعها رضاعة حليب! وتصدر الخبر صورةٌ تعادل صفحاتٍ من الألم، والذل، والعار، وانتظار ما لا ينتظر!ياللمفارقة العجيبة! لم تفوِّتها الاحترافية الصحافية، فهل يفوِّتها العقل، والضمير؟ امرأة فاضلة تتحرق شوقاً للحصول على طفلٍ، ولو سرقة! وأخرى ليس لنا أن نستبعد أنها فاضلة أيضاً، تتخلَّص من طفلتها بعد الولادة، وترميها لمصيرٍ هذا أوله، ولا نهاية له! الأولى كانت ستسلب طفلاً شرعياً هويته، لكنها كانت ستمنحه حضنها، وحليبها، واسم زوجها، وما شاءت الأيام لها وله، من ضلوع وشموع ودموعٍ! أما الثانية فقد سلبته كل شيء، هويته، وحضنها، وحليبها، واسم أبيه، ورمته لدنيا لن تعطيه أي شيء! الأولى ارتكبت جريمةً لتشبع غريزة «الأمومة» فيها، فتكمل إنسانيتها بمشاعر مستعارة، قد تصبح مع الوقت أجمل من حقيقة! والثانية تقتل في نفسها تلك الغريزة العظيمة، وترتضي أن تَصْلَى بقية جحيمها ناقصة، لا يزيدها الوقت إلا تشويهاً! الأولى قامرت بسمعتها، وسمعة أهلها من أجل طفل! والثانية ضحت بطفلة لا ذنب لها، من أجل سمعتها، وسمعة أهلها! الأولى «نادرة»، فهل الثانية كذلك؟!الأولى انفضحت وخسرت الطفل، لكنها لن تخسر إنسانيتها، ومهما كان الحكم الدنيوي الذي ينتظرها فهو كفارة لها، وليس عزيزاً على الرزاق الكريم أن يجبر بخاطرها، ويرزقها طفلاً من لحمها ودمها وأعصابها وصبر السنين! أما الأخرى فلن ينقذها من جحيمها الأبدي إلا الموت! ولنترك السيدتين لقدرهما، ونحاسب أنفسنا، قبل أن تحاسبنا الأجيال بوصفنا «شركاء» نافذين: السيدة الأولى لم يهدأ لشرطة «المدينة المنورة» بال حتى قبضت عليها، في زمن يحق لها أن تفخر به، والجريمة «سرقة»، وقد تنازل صاحب الحق الشخصي، ولو كان له من الأمر شئ لسترها! فهل تحذو شرطة «الباحة» حذوها وتبحث عن الثانية، والجريمة أكبر من السرقة، والحق العام ـ بالتالي ـ أوجب؟!وأين جهاز «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، وكل ما يحمله «جمس بوند» من أسلحةٍ، بدءاً من العبوس و«الزئير» الرقيق، وانتهاءً بـ«مقراض الأظافر»؟! أم يتباهى بعض مسؤوليها بالقول: إنه لولا تجاوزات «بعض» المنتسبين لها، الفردية طبعاً، من «تجسس»، و«تحسس»، و«إساءة ظن» ـ وقد نهينا عنها بنص القرآن العظيم ـ لامتلأت دور الحضانة الاجتماعية بأمثال طفلة «بلجرشي»؟ولماذا لا تشترط «الأحول المدنية» البصمةَ الوراثية/ الـ«DNA»، مع بصمات الأصابع، وفصيلة الدم، للحصول على «الهوية الوطنية»؟ ألن يكون رادعاً صارماً لمن يستهين بالإنسانية مقابل شهوة عابرة، أن يعرف أنه لن يفلت من تبعات نزواته؟ ومتى نعي أن ما نفعله أمام هذا «العار» هو جريمة «التستر»، لا فضيلة «الستر»؟!So7aimi@gmail.com

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store