Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

بيئة الحج.. والعمل الخيري (2)

A A
كنت قد تحدثت في المقال السابق عن ملتقى (معالجة الأثر البيئي للعمل الخيري) الاثنين 18/3/1440هـ والذي كان ضمن نشاط المجلس البلدي بمكة المكرمة، والذي حقق نجاحاً كبيراً نظراً لما قدم من أوراق عمل علمية من أخصائيي البيئة والعمل الخدمي والتطوعي في الحج. وقد كان الهدف منه إيجاد حلول مناسبة للتقليل من الأثر البيئي الناتج عن الهدر وعدم التنسيق بين الجهات الخيرية والوصول إلى حلول لتلك المشكلات.

وحقيقة كنت أتمنى لو أن ذلك الملتقى كان يتسع لأكبر عدد ممكن من مقدمي العمل الخيري؛ من مؤسسات الطوافة والجمعيات والمبرات الخيرية وشركات حجاج الداخل وغيرهم.. لتكوين القناعات بكل ما يطرح من توصيات فليس المهم النخب الثقافية والعلمية بل من يعمل في الميدان، ونحن بحاجة إلى تنفيذ..فكم من أوراق عمل ودراسات علمية بقيت على رفوف المكتبات ولم يُفعّل منها شيء..!! لأسباب منها عدم قناعة المستفيد ولعدم وصول الرسالة بصورة صحيحة.

كما كنت أتمنى لو تم طباعة أوراق العمل أو حتى ملخصاتها أو وضعها إلكترونياً على موقع المجلس البلدي حتى تتم الاستفادة منها.. حيث كانت هناك توصيات غاية في الأهمية للحد من النفايات والتلوث البيئي والبصري في الحج وقد كان لمشاركة الدكتور أحمد المورعي: «ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها..» أهمية كبرى في أن إفساد الأرض هو ناتج عن عمل الإنسان فالله هو الذي خلق فسوى.. وخلق الأرض وقدر فيها أقواتها.. ولكن الإنسان هو الذي أفسدها، وذكر أن هناك 20 موضعاً في القرآن ذُكر فيها الإفساد في الأرض.. مصداقاً لقوله تعالى: «ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس»...

وحقيقة إن مشكلة التلوث البيئي تتلخص في ثقافة وتوعية المجتمع المحلي أولاً ثم توعية الحجاج في بلادهم ثانياً وهذا هو المهم لتكوين القناعات فإذا كانت النفايات العضوية 70% من النفايات والتي بلغت (51000 طن) في موسم حج عام 1439هـ في مكة والمشاعر المقدسة، و(15000 طن) فقط في اليوم الأول للعيد وهو مؤشر للإضرار بالبيئة والصحة العامة.

كما أن نفايات بهذا الحجم كان المفروض أن يستفاد منها وأن تكون هناك عمليات تدوير كما في الدول المتقدمة، فنحن على المستوى الوطني العام للأسف لم نقم حتى الآن بالاستفادة من النفايات وتدويرها، فإذا كانت دول كالصين وألمانيا تستورد النفايات لإعادة تدويرها حتماً للأرباح الهائلة التي تدرها عليها.. فما بالنا نحن ليس لدينا في المنازل صناديق فرز النفايات؟! وهذا هو التلوث بعينه نظراً لما يصيب الأرض والماء والزرع والهواء التي تنتشر فيها المواد السامة التي مصدرها البلاستيك والمطاط وغيرها..

ومن أهم التوصيات التي توصل لها الملتقى:

• ترشيد الاستهلاك وتقنين العمل الخيري .

• وقف الوجبات الساخنة والطبخ الذي ينتج عنه الكثير من المخلفات والاكتفاء بوجبات خفيفة، طبعاً بعد إقناع الحاج قبل وصوله إلى مكة.

• أن تكون هناك مظلة كبيرة على مستوى المملكة بقيادة وزارة البيئة والمياه والزراعة تتولى تدوير جميع أنواع النفايات والاستثمار في هذا المجال، وهذا أحد أهم أهداف رؤية 2030م بتحقيق التنمية المستدامة وإيجاد مصادر دخل متنوعة. وأضيف إلى ذلك أن تطرح على شكل أسهم للاستثمار ليستفيد المواطن منها في زيادة دخله ورفع مستوى معيشته..

كل الشكر والتقدير لرئيس المجلس البلدي الأستاذ مستور المطرفي ولجميع أعضاء المجلس على جهودهم المبذولة في المحافظة على نظافة مكة والمشاعر، ولجميع المشاركين والمشاركات بأوراق العمل على ذلك الطرح لتكون بيئة الحج بيئة صحية خضراء فيعود الحاج من رحلة العمر وهو محمل بذكريات وجماليات البيئة وأخلاقيات الناس في مكة والحج.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store