Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

عبدالعزيز التويجري: الفكر والكلمة

A A
هناك قلة من الناس يأسرونك بفِكرهم وأسلوبهم ومعالجتهم للأمور بحرفية عبر الكلمة والحرف، ومن تلك القلة معالي الدكتور عبدالعزيز التويجري مدير الإيسيسكو، والأمين العام لاتحاد جامعات العالم العربي والإسلامي، فقد حضرت لمعاليه محاضرة في جامعة الملك عبدالعزيز تحت عنوان: اللغة والهوية الثقافية، وقد أبدع أيما إبداع في إظهار ثلاث قضايا مهمة هي: اللغة والثقافة والهوية، وأنها من الأمور ذات الارتباط مع بعضها البعض، خاصة اللغة التي يتولَّد عن انحصارها وضعفها وغربتها ضعف كل من الثقافة والهوية، وأن لغتنا العربية اليوم تُواجه العديد من التحديات، حيث إنها تُواجِه مزاحمة شرسة من اللغات الأجنبية التي أصبحت سائدة في كثير من المجتمعات العربية والإسلامية، وكذلك من العاميات واللهجات القومية التي هي الأخرى تريد أن تنافس سيادة اللغة العربية، داعياً إلى ضرورة تطوير اللغة وإصلاحها وتحسينها وتجديدها بين المتغيرات التي تعيشها المجتمعات العربية، وأن الانفتاح على المستجدات في العلوم والتقنية يفرض تطويراً للغة العربية.

ثم تطرق إلى الهوية الثقافية ومدلولها، وبيَّن بوضوح وعبر الفكر والكلمة الارتباط الوثيق بين هذه المدلولات والمصطلحات، وقد كان في محاضرته سهلاً سلساً في إلقائه، لكن ما يرمي إليه من مدلول ومعنى فيه عمق ونظرة شمولية تمتنع أن يأتي بها غيره، إلا من كان مثله.

لقد كنت مع معاليه وجهًا لوجه في محاضرته، وقد حضر يومها زميل له معروف بتمكّنه في تخصصه، وحُبه كذلك للملاطفة والحوار والنقاش، وهو أستاذنا معالي الدكتور عبدالله المعطاني، نائب رئيس مجلس الشورى حالياً، وقد أبدى وجهات نظر في المحاضرة وعنوانها وبعض ما جاء فيها، وكلاهما من أهل الفكر النيِّر والكلمة السوية وملكة الحرف، ولهما مني كل حب واحترام.

أعود مرة أخرى إلى أستاذنا معالي الدكتور عبدالعزيز، وقد كان اللقاء هذه المرة في تويتر، حيث يملك فيها ناصية التغريد بأصواتٍ ومجسات وحروف وكلمات وجمل وعبارات يتقاطر منها الأدب والأسلوب الحسن واحترام الآخرين، وتشعر أن ما يكتبه يعود بالفائدة على وطنه وأمته وعالمه العربي والإسلامي، وكما ذكرت، قلة هُم مَن في مستوى فكره وعطائه، سواء وجهاً لوجه في المحاضرات، أو عبر العالم الافتراضي في تويتر، وإني في نهاية المطاف لا أعتبر ما كتبته هنا عن معالي الدكتور عبدالعزيز التويجري إلا تلميحاً إلى فكره وكلماته، وحروفه وأسلوبه، وليس ذكراً لسيرته الذاتية ونشاطاته في العالم العربي والإسلامي، وخدمته للإيسيسكو، وجامعات العالم العربي والإسلامي، لأن مثل ذلك لا يتحقق إلا عبر مؤلف مستقل، وليس بمقالة عابرة.. وفَّقه الله لما يُحبه ويرضاه، وهو يستحق بكل جدارة نيل جائزة الملك فيصل رحمه الله.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store