Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

الوقت والساعة!

A A
الساعة، هذه الآلة التي لا يُعرف أوَّل مخترع لها، حيث اجتهَدَ الإنسان منذ أقدم العصور في اختراعها وتَطويرها من شكلٍ إلى آخر، لكونها وَسيلة لقياس الزمن ومعرفة الوقت والتقويم. ويُعتَقَد أن السومريِّين هم أوَّل شعوب الأرض الذين اهتمّوا بالوقت، فقد نجحوا في حسابِ السنة من خلال الشمس؛ وتتبَّعوا حركتها منذ شروقها يوميًّا.. وتبعًا لذلك، قسَّموا العام إلى اثني عشر شهرًا. أمَّا المصريُّون فقد اعتمدوا القمر لتَحديد الزمن، وبالتالي قسَّموا العام إلى 365 جزءًا، وهو المعروف حاليًّا بعدد أيَّام السنة.

كان للعرب المسلمين أيضًا دور كبير في اختراع الساعة الرمليَّة والساعة المائيَّة. وفي العصر الحديث، انتقل الاهتمام بصناعة الساعات إلى الدول الصناعيَّة المتقدِّمة تقنيًّا، لتأخذ الساعة موقعها المميز في معصم كلٍّ منَّا، أو في جيبه أو غرف منازلنا ومقار أعمالنا، وزينة في الساحات العامَّة ومباني الشركات والمؤسَّسات الإداريَّة والصناعيَّة والإعلاميَّة.. وهكذا هيمنت بعقربيها المتحرِّكين دائريًّا على دورة الحياة، محدِّدة مواعيد نومنا وصحونا، وفي توجُّهنا إلى مراكز أعمالنا لتأمين أمور معاشنا على تعدِّد أشكالها، ومعطية للمجتمعات التي تحترم حركات توقيتها رغدًا في العيش، وتطوُّرًا في عالم التقنية والإنتاج.

هذا ما نشاهده اليوم لدى الأمم المتقدِّمة في شمال أوروبا واليابان على سبيل المثال لا الحصر، فيبدأون نهارهم الساعة السابعة صباحًا حتَّى الخامسة من بعد الظهر، معطين كل جهدهم لعملهم كي يستطيعوا إنجازه. كما أنَّ مواعيدهم تُحسب بالدقائق. فالدعوة مثلًا للقاء في وقتٍ معيَّن، تُحتَرَم مِن قِبَل المدعو، فيصل في الدقيقة والساعة المحدَدة سلفًا. وكذا حال المقابلات الرسميَّة التي تُحدَّد بالدقيقة، يُلغَى موعدها بعد ثلاث دقائق من تحديده؛ وهي المدَّة التي قد يتسبَّب بها المصعد في مبنى الإدارة الرسميَّة عند توقُّفه في أكثر من دور. وحتَّى إشارات المرور في بلد كاليابان، تتحكَّم الساعة في تحرُّك المواكب الرسميَّة لكبار الزوَّار، إذ يُحدَّد وقت تَحرُّك سيَّارات الموكب وسرعة سيرها بالدقيقة، لتتفق مع إشارات المرور عندما تتحوَّل للون الأخضر، فيسير الموكب بسلاسةٍ ويسر قبل اللون الأحمر.

وما دمنا في تطوير مرافق حياتنا الاجتماعيَّة والإنتاجيَّة وفق رؤية 2030، فالحاجة ماسَّة الى نشر ثقافة احترام المواعيد، والتقيُّد بها كتقيُّدنا بنداء المؤذِّن إلى الصلاة. وقد قيل: إنَّ الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك. وحقًّا قِيل: إنَّ الوقت لا يتوقَّف بتوقُّف الساعة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store