Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

الخدمة المدنية تنتج مسلسل «سعيد ومبارك»!

A A
* (سَعَـيِّد، ومُبَارَك) أصدقاء طفولة، دَرسَا معاً، وتخرجا في الجامعة نفسها، وفي التخصص ذاته، ثمّ تَعَيَّنَا على وظيفة حكومية في المرتبة السادسة؛ ولكن في إدارتين حكوميتين مختلفتين؛ والآن وبعد سنوات طويلة هَاهُما يُغَادرن ميدان العمل، فـ(الثاني منهما) تقاعد على المرتبة الثانية عشرة، أما الأول، فقد تقاعد على الثامنة!

* أما سبب اختلاف مراتبهما الوظيفية عند تقاعدهما رغم تساويهما في المؤهلات والخِبرات وسنوات الخدمة؛ فلأن (مُبَارَك) التحق بمؤسسة كبيرة، له فيها علاقات واسعة، إذ كانت تُجَهَّـزُ له المرتبة التي من المفروض أن يترقى لها؛ وذلك بتغيير أو تَحْوِيرِ مسماها بما يتناسب مع مؤهلاته وخبراته، وهكذا قَفـز إلى المراتب العليا بسرعة الصاروخ، أم التّعِيس (سَعِيِّد -الذي ليس له من اسمه نصيب-) فقد كان تعيينه في مؤسسة صغيرة وظائفها محدودة، وهو فيها لا يملك شيئاً من فيتامينات المحسوبية والواسطة!.

* تلك الحكاية تتكرر مشاهدها كثيراً في المؤسسات الحكومية، ومنها يعاني طائفة كبيرة من الموظفين، وقد تذكرتها وصحيفة «المدينة» تنشر قبل أيام خَبَرَ موافقة وزارة الخدمة المدنية على إعطاء الجهات الحكومية صلاحية تَحْوِيْر مسميات الوظائف من المراتب العاشرة فما دون، اعتباراً من ميزانية العام المقبل.

* فوزارة الخدمة المدنية بتلك الخطوة تَمنح بعض المسؤولين الذين يمارسون الفساد الإداري فرصة التلاعب، وطعن البسطاء، والقفز على حقوقهم لصالح الأقارب والأصدقاء، وتُعيد إنتاج مُسَلْسَل (سَعَيِّد، ومُبَارَك)، ولكن بصورة أوسع، وبِحلقات أكثر وأكثَر!

* وهنا أُعيد المطالبة بإعادة النظر في حال الموظفين المدنيين، ولاسيما من هم على المراتب الدنيا؛ فأساليب ترقياتهم عجيبة وغير منضبطة وأحياناً غير عادلة، ورواتبهم ضعيفة وهزيلة جداً، وبدلاتهم السنوية تدعو للشفقة؛ فلكم أن تتصوروا موظفاً علاوته الدورية لا تتجاوز (200 ريال) فهل هذه تغطي غلاء الأسعار أم ازدياد الأعباء الأسرية؟!

* ولذا وبما أن وطنَنا يعيش حِراكاً فاعلاً نحو الأفضل -بإذن الله- هذه دعوة لمراجعة الوظائف المَدنِيّة الحكومية، بحيث يكون لها سُلَّمٌ أو كَادِرٌ مُنْصِـف وشَفّاف أُسوة بما عند المدرسين مثلاً، وفيه يأخذ الموظف حَقّهُ بالترقية أو العلاوة دون تدخل من مزاجية المسؤول وتعليقه على التقرير الوظيفي، ودون ارتباط بمسميات الوظائف أو الشَّوَاغِر، وكذلك تعديل العلاوة السنوية بحيث لا تقل عن (500 ريال)، مع حوافز للمبدعين والمتفوقين.

* أخيرًا ليس من العَدل والمنطق مطالبة الموظف بالعطاء والتفاني وهـو محروم من الحوافِز بل من أبسط حقوقه، واسألوا (الأخ سَعَيّد)!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store